عبد المنعم-اسلام اون لاين 

كشف راجي الصوراني نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن "العديد من المنظمات الحقوقية رفعت دعاوى لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في محرقة غزة الأخيرة أمام محاكم في دول غربية، وقد صدرت حتى الآن أوامر ملاحقة بحق 86 من قادة الاحتلال العسكريين المتورطين.

وواصفا إياه بـ"الازدواجية"، انتقد الصوراني خلال ندوة عقدت بمركز القاهرة لحقوق الإنسان مساء أمس الأربعاء موقف أوروبا من العدوان الإسرائيلي على غزة الذي استمر 22 يوما متواصلة بدء من 27-12-2008 مخلفا نحو 1412 شهيدا و5450 جريح نصفهم من النساء والأطفال، مؤكدا أن ذلك الموقف "يعيد العالم لشريعة الغاب، ومبدأ أن الديمقراطية للأسياد فقط، ولا توجد ديمقراطية للعبيد".

وقال الصوراني الذي يشغل منصب مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: "هناك العديد من القضايا التي رفعتها منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية في الولايات المتحدة وبريطانيا ونيوزلاندا وهولندا، كما تم رفع قضية جديدة مؤخرا في إسبانيا لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وقد صدرت حتى الآن أوامر ملاحقة بحق 86 من قادة الاحتلال العسكريين بعد ثبوت تورطهم في جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين".

وأشار إلى أن منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية "ستظل تمارس دورها في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين ولن تغفر أو تنسى أبدا ما قامت به قوات الاحتلال من مجازر وجرائم حرب ممنهجة ومنظمة، وسنلاحقهم في جميع أنحاء الأرض بما أهدروه من دم أطفالنا ونسائنا".

الأكثر سوادا وتوثيقا

ولفت الصوراني إلى أن "جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة هي الأكثر توثيقا في العصر الحديث، وهذا بشهادة العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية بل الإسرائيلية أيضا، وجميعها تطالب بمساءلة ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم".

وأوضح أن المحرقة التي أضرمتها إسرائيل بقطاع غزة مؤخرا هي "الأكثر دموية وسوادا في تاريخ الاحتلال، فمنذ النكبة لم يحدث أن تجرأ الاحتلال ومارس هذا المستوى من الجرائم في وضح النهار، وأمام مرأى ومسمع العالم كله، ولهذا فإن المنظمات الحقوقية الفلسطينية تعمل على توثيق كافة الجرائم لوضعها أمام المجتمع الدولي حتى يقوم بمسئولياته تجاه ملاحقة هؤلاء المجرمين".

وقال: "هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها قوة احتلال تقوم بعملية منظمة ضد مدنيين بهذه الكثافة، وما لدينا من توثيق يشير إلى أن 90% من أهداف وضحايا محرقة غزة مدنيين.. إننا أمام مرحلة جديدة من الجرائم المركبة التي لم تترك فيها إسرائيل جريمة حرب إلا وارتكبتها، فلم ترحم الأطفال والنساء، وقصفت المساجد والجامعات، والمدارس وسيارات الإسعاف والمستشفيات، وسيارات الدفاع المدني، بل وصل جنونها إلى تدمير وإبادة كافة الأشجار المحيطة بالقطاع".

ديمقراطية الأسياد

وشدد الصوراني على أن "المنظمات الحقوقية التي تقوم بدورها في توثيق جميع جرائم الحرب التي اقترفها الاحتلال بمحرقة غزة، كل ما تريده هو سيادة القانون الدولي الإنساني وتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على حماية المدنيين وقت الحرب، والتي بموجبها تعتبر حماية المدنيين الفلسطينيين التزاما قانونيا على المجتمع الدولي وخاصة الدول الموقعة على الاتفاقية".

وأردف: "في هذا السياق لا نعول كثيرا على أمريكا لأننا نعرف موقفها المنحاز لإسرائيل، لكننا نلوم أوروبا التي ترفع شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومع ذلك تعاملت بازدواجية واضحة مع العدوان؛ حيث امتنعت عن التصويت على قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، والانتهاكات التي قامت بها قوات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين".

وأكد نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أن "الموقف الأوروبي يحمل كثيرا من الازدواجية، ويعيد العالم مرة أخرى إلى شريعة الغاب ومبدأ الرومان الذي كان يقول: إن الديمقراطية للأسياد فقط، ولا توجد ديمقراطية للعبيد".

ولفت الصوراني في ختام كلمته إلى أن "جرائم الاحتلال لا تتوقف عند حدود محرقة غزة، وإنما تتعداها للضفة الغربية والقدس المحتلتين كذلك"، موضحا: "فالقدس تشهد علميات تطهير عرقي وتهويد حثيثة، كما ينتهي العمل تماما في جدار الفصل العنصري خلال أشهر قليلة؛ ليصبح بذلك أكثر من 450 ألف فلسطيني من اللاجئين، فضلا عن حجم الاستيطان بالضفة الذي قفز خلال عام 2008 بنسبة 60%، بالإضافة إلى الاقتحامات التي يشنها الاحتلال وعمليات القتل العشوائي وتدمير المنشآت والاعتقالات بالجملة".