حاوره: توفيق التميمي- الصباح
اصبح بالامكان الدخول الى سجون الاحداث ومدرسة تاهيل الصبيان واجراء مهمات صحفية.. بعد ان ابدى مدير مدرسة تأهيل الصبيان ولي جليل الخفاجي مساعدته لفريق الاسرة والمجتمع في جريدة الصباح. وبذلك سهل علينا مهمة عقدتها علينا اطراف معنية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
فكانت مقابلة مدير مدرسة تأهيل الصبيان واحدة من ابرز قضايا ملف (سجون الاحداث في العراق). كنت اسعى فيها للاجابة عن كثير من الاسئلة التي تتعلق بالرؤية الحديثة في ادارة سجون الاحداث.. واعادة تأهيلهم كمواطنين صالحين الى مجتمعهم. وهل ان ادارة سجون الاحداث ومدارس التأهيل قادرة فعلا على القيام بهذه المهمة؟ لربما سيعثر القارئ على بعض من اجابات هذه الاسئلة في المقابلة مع مدير مدرسة تأهيل الصبيان ولي جليل الخفاجي:
* اعط لنا بواقعية صورة حقيقية عن الفارق الحاصل في سجون الاحداث في العراق من حيث الادارة والتقويم بين زمنين من الدكتاتورية وما بعدها؟
1- هناك فوارق عديدة يمكن ايجازها بالنقاط التالية والتي هي تعبر عن الفارق بين زمنين مختلفين.
أ- كانت جرائم وانحرافات الاحداث في الماضي كثيرة ولكنها قليلة العنف فاغلبها كانت السرقات البسيطة وتجاوز الحدود حيث كان عدد الاحداث المحكومين قبل سقوط النظام السابق حوالي (3.000) ثلاثة الاف حدث في بغداد. والان لايتجاوز عدد الاحداث المحكومين (350) حدثاً.
ولكن هذه القلة يشوبها العنف والجرأة وطول مدة الحكم. لان الجرائم التي اقترفت حاليا من الاحداث لم تكن موجودة سابقا مثل (الارهاب، الخطف، وغيرها).
ب- هناك اختلاف كبير جدا من ناحية معاملة (السجين) حيث لم تكن سابقا جهات رقابية سوى الحكومة.
لكن الان هناك عدة جهات رقابية (حقوق الانسان، منظمات المجتمع المدني، الاعلام، دوائر المفتش العام، البرلمان).
وهذا اعطى الكثير من حقوق السجين.
جـ- هناك اختلاف كبير من ناحية الصرف والانفاق على السجون من ناحية (الغذاء والملبس والرواتب والخدمات الاخرى).
د- هناك اختلاف في اختيار ادارات (السجون) فسابقا كان الاختيار مبنياً على اجتهاد المسؤول وامور اخرى.
اما الان فالشهادة والكفاءة والنزاهة هي المقياس.
* ما هي ابرز التصنيفات لجرائم الاحداث؟ وما هي ابرز الملفات الاجتماعية التي تقف وراء جنوح الاحداث؟
2- ان جميع جرائم الاحداث هي منصوص عليها قانونا. اي ان الفعل الذي يقوم به الحدث هو ما منصوص عليه في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969. ولا توجد جريمة خارجة عن تلك المواد.
لذلك فان جرائم الاحداث تصنف وفق تلك المواد اي الى (مخالفات وجنح وجنايات) فهناك من الاحداث من اقترف فعل القتل والسرقة والخطف وحيازة السلاح والماسة بالاخلاق وغيرها.
وان اسباب جنوح الاحداث باختصار شديد تكمن في الاسباب الاجتماعية والنفسية.
وان نصيب الاسباب الاجتماعية له والاكثر في دفع الحدث للانحراف والتي تنحصربـ:
- التفكك العائلي (الطلاق، ادمان الوالد والوالدة، المشاكل العائلية، كبر حجم العائلة).
- البطالة.
- الفقر.
- التسرب الدراسي.
- اصدقاء السوء.
* ان كان العوز واليتم والتشرد هو ابرز مبررات الجريمة في زمن الاستبداد.. فما الذي يدفع الحدث اليوم للجريمة بعد غياب وزوال الدكتاتورية؟
- ان اليتم والتشرد هما احد اسباب جنوح الاحداث. ولكن لايمكن ان نقول ان جنوح الاحداث يكون بدافع واحد او متغير واحد بل يحدث من تراكب عدة عوامل تتفاعل مع بعضها لانتاج سلوك معين وهو ما يسمى بنظرية العوامل المتعددة..
وان هناك عوامل قد تكون واحدة في الزمنين (كالفقر والتشرد) ولكن هناك اسباباً وعوامل استحدثت بعد
سقوط النظام وفي ظل الاوضاع التي مر بها البلد وهي:
أ- السكن العشوائي (الحواسم) الذي خلق مناطق ومجمعات بدون دراسة وبدون تخطيط والذي سببت في ظهور الكثير من المشاكل ومن ضمنها جنوح الاحداث.
ب- الانفلات الامني الذي عانى منه بلدنا والذي خلق اجواء غير مراقبة ومن ضمنها الجريمة.
جـ- الصعود المفاجئ وغير المعقول لكثير من الناس والذي خلق اجواء الحقد والتقليد للاحداث.
واخذوا المجرمين والمنحرفين قدوة لهم في الصعود.
د- البطالة التي اجتاحت اغلب بيوت العراقيين.
هـ- فتح الحدود على مصراعيها ما ادى الى دخول الكثير من اصحاب النفوس الضعيفة استخدموا الاحداث في تنفيذ مخططاتهم.
* هل ثمة تنسيق وتنظيم مشترك بين ادارات سجون الاحداث في العراق؟
- ان سجون الاحداث في العراق هي في بغداد فقط.. وهناك موقف للاحداث في نينوى. لذلك فان الادارة حاليا هي لادارة سجون الاحداث في بغداد وهي (قسم الكرخ وقسم الصبيان ودار الملاحظة (الطوبجي) والاناث الاحداث والمشردين).
* هل يتوافر لدى دائرتكم الكوادر اللازمة من الباحثين الاجتماعيين وعلماء النفس وخبراء الجريمة لتحويل الحدث النزيل وتقويمه وتاهيله لحياة ما بعد السجن؟
- هناك باحثون اجتماعيون موزعون على سجون الاحداث وبقية اقسام الدائرة العامة، وهناك مختصون في علم الاجرام وعلم النفس ولدينا دراسات وبحوث حول هذا الموضوع ولكن مستوى الباحثين يختلف من باحث لاخر حسب القدم والكفاءة والخبرة.
* هناك وجه مخفي في سجون الاحداث يتعلق بممارسات وسلوكيات شائبة.. كتعاطي المخدرات او اللجوء لاستخدام وسائل العنف في المنازعات.. هل ثمة سيطرة ادارية على هذه الحالات؟
- لا يوجد سجن خال من المشاكل والسلوكيات المنحرفة.
لاسباب عديدة منها:
أ- الاختلاط الحاصل بين الاحداث لعدم استيعاب السجون حاليا للاعداد الموجودة فيها.
ب- ان الاحداث هم اشخاص غير اسوياء وبحاجة الى مدة طويلة لغرض تقويمهم.
جـ- هناك من العاملين داخل السجون يفتقدون المعرفة والثقافة في التعامل.
وان المشاكل التي تحدث داخل سجون الاحداث:
- المشاجرات.
- التحرشات الجنسية.
- الوشم.
وان اسلوب التعامل مع هذه المشاكل يأخذ طريقين
- اسلوب النصح والارشاد اذا كانت المشاكل بسيطة.
- واذا كانت المخالفات تحوي على عنصر اجرامي او عنيف فهناك (الحرمان من المواجهة وحرمانه من الافراج الشرطي وغيرها من المواد المنصوص عليها في نظام المدارس الاصلاحية).
* هل نستطيع التفريق بين نمطين من جرائم الاحداث.. وهل نستطيع الحديث عن الفارق بين ارتكاب البنت للجريمة عن ارتكاب الولد للجريمة؟
- ان جرائم الاناث تختلف عن جرائم الذكور وهذا الاختلاف نابع من الاختلاف الفسيولوجي لكلا الجنسين ولاختلاف نظرة المجتمع للذكر عن الانثى.
فغالبا ما ترتكب الانثى الجرائم البعيدة عن العنف والمشاجرات والمغامرات. بل ترتكب الجرائم التي تحتوي على اللباقة والاغراء (كالاحتيال والسم وخيانة الامانة).