This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

جرائم الصغار... كيف نتعامل معها
10/02/2009

 

 

ولي جليل الخفاجي- الصباح
اعجبني اهداء لاحد البحوث الخاصة بالاحداث جاء فيه (الى كل طفل او حدث في وطني اتهم بالقتل والتخريب والسرقة او وصم بالانحراف بعد ان حرم من الرعاية والحب والتربية. وبعد ان قصر المجتمع ومؤسساته المختلفة في وسائل حمايته ووقايته من حياة البؤس والتشرد والضياع).
فكان هذا الاهداء شاملاً للاسباب المؤدية لجرائم الصغار وقبل الدخول بموضوع (جرائم الصغار) لنلقي نظرة على اهم المفاهيم التي تكاد تكون متداخلة عند اغلب الناس وهي (الطفل الصغير والحدث والصبي والفتى والشاب).
فالطفل واستناداً لاتفاقية حقوق الطفل (هو كل انسان لم يتجاوز الثامنة عشرة) ومتفق عليه في جميع دول العالم.
اما الصغير والحدث والصبي والفتى والشاب فهي مفاهيم قانونية وتختلف من بلد لآخر تبعاً لاختلاف الانظمة والقوانين.
ففي القانون العراقي اشار قانون رعاية الاحداث رقم 76 لسنة 1983 الى ان الصغير هو الشخص الذي لم يتم التاسعة من عمره.
اما الحدث هو الشخص الذي اتم التاسعة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة ومصنف الى ثلاثة اصناف.
* الصبي هو الشخص الذي يتم التاسعة من عمره ولم يتم الخامسة عشرة.
* الفتى هو الشخص الذي يتم الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة .
* الشاب هو الشخص الذي يتم الثامنة عشرة من عمره ولم يتم الثانية والعشرين.
والصغار في هذا الموضوع المقصود بهم هم صغار السن غير البالغين).
ماهي جرائم الصغار؟
الجريمة بالمعنى القانوني هي كل فعل او امتناع يحدد له القانون عقوبة. سواء كان هذا الفعل صادراً من صغير او كبير.
وبسبب مناداة المصلحين في كل مكان بان مصطلح الجريمة والمجرم لاتتناسب والافكار الاصلاحية الجديدة التي ترمي الى اصلاح المخطىء واعادة تكيفه للمجتمع بدلاً من الانتقام منه.
فاصبحت العقوبة لصالح الشخص وليست ضده. واعدوا (جرائم الصغار) جنوحاً او انحرافاً للسلوك. وقد قال البعض عنها بان الجنوح (هو انحراف الحدث في مظاهر السلوك غير المتوافق مع السلوك الاجتماعي السوي).
ولم يقف الموضوع لهذا الحد بل نادت اكثر المنظمات الانسانية الخاصة بالطفولة الى عدم اعتباره جنوحاً بل (الطفل في نزاع مع القانون) وهذا ناتج من عدم اشعار الطفل بالعقوبة او قسوة المجتمع عليه. وانه انسان تعرض لظروف خارجة عن ارادته ادت به الى ان يسلك سلوكاً مخالفاً للقوانين والانظمة الاجتماعية.
أسباب جرائم الصغار
لقد كتب الكثير من العلماء حول اسباب (جرائم الصغار) واوعزها بعضهم الى عوامل اجتماعية واخرون اوعزوها الى عوامل نفسية واخرون اوعزوها الى عوامل بيولوجية وقد ذكر اصحاب العوامل الاجتماعية بان اختلالات البيئة العائلية كالطلاق والمشاجرات بين الزوجين ووضعية الطفل ونوع التربية وعدد افراد الاسرة ونوعية السكن وحجمه ونوع العائلة وحجمها والمستوى الثقافي للوالدين والمستوى الاقتصادي وغيرها لها الاثر المباشر في تحديد سلوك الطفل بشكل خاص.
كذلك الاختلالات في البيئة المدرسية كالمستوى الدراسي ونوعية المناهج ومستوى الكادر التدريسي والاساليب التربوية وغيرها.
واختلالات بيئة العمل كنوع العمل وطبيعته وصفات رب العمل وغيرها.
واختلالات البيئة الترويحية وهي توفير مناطق اللهو والتسلية وقضاء اوقات الفراغ.
اما الذين نادوا بالاسباب النفسية فيعزون اسباب (جرائم الصغار) الى الاختلالات الغريزية والعوامل المنحرفة والامراض النفسية والعقد النفسية والتخلف النفسي.
واما انصار العوامل البيولوجية يرجعون الاسباب الى اضطرابات عضوية في المخ واختلالات الغدد الصماء واختلالات التركيب العقلي والتخلف العقلي.
ولم تقف الحد الى هذا فقد ظهرت عدة نظريات حاولت تفسير جرائم الصغار.
 كيف تنشأ عصابات الصغار
لقد اشارت نظرية العصابة لت (تراشير) الى ان العصابات تنشأ خلال المراحل الاولى من حياة الانسان من خلال رفقة السوء والصراع الذي ينشأ بين (الاصحاب) خلال اللعب.
لان الصغار عند اختلافهم يشكلون (عصابة) فيما بينهم لحماية حقوقهم وتوفير الاحتياجات التي لاتوفرها لهم العائلة او المدرسة او اية جماعة مرجعية اخرى.
وقد لوحظ بان (عصابات) الصغار او الاحداث تزدهر حين يتعاظم النزاع بين حاجات ورغبات الاحداث وبين المؤسسات الاجتماعية في المناطق التي تكثر فيها عدم التنظيم الفردي والاجتماعي كالاسواق ومراكز اللهو.
نموذج من جرائم الصغار
لقد مر العراق بمرحلة من مراحل التغيير الاجتماعي شملت جميع نواحي الحياة ماجعل الصغار ان يسلكوا سلوكاً متذبذباً محصوراً بين الرغبات المكبوتة والضوابط التي ضعفت نتيجة الانفلات الامني واسباب اخرى. وقد تبين لنا من خلال ملاحظتنا وقراءتنا للاسباب المؤدية (لجرائم الصغار) بان ارتفاع مستوى

المعيشة واتساع نطاق مغريات الحياة وتزايد احتياجات الفرد وتعقد رغباته والكبت الذي حمله (الصغار) نتيجة الخطأ في سياسات التنشئة السابقة. كل هذا وغيرها من الاسباب (الوليدة العصر) ادت الى ازدياد فرص ارتكاب مثل هذه الجرائم.
بالاضافة الى بروز (التفاوت الطبقي) فاصبحت طبقة الفقراء تشكل 20 % من مجموع المجتمع العراقي وتفشي البطالة التي زادت عن 40 % والتي انعكست سلباًُ على سلوك (الصغار) حيث ان بطالة الكبار تؤدي الى انحراف الصغار. واصبح عامل الحقد والنظر للاعلى من تفكير تلك الطبقات التي جعلت تفكر ان الاغنياء هم السبب في فقرهم وبالتالي انعكس هذا سلباً ماجعل ظهور جرائم الخطف والتسليب والقتل والارهاب. بالاضافة الى الاضطراب العاطفي والتفكك الاجتماعي وتصدع الشخصية والتوتر الذهني والعيش في بيوت منهارة اجتماعياً وصحياً ودينياً.
نتائج دراسة
في دراسة عن التسليب عند الاحداث وجدنا: ـ
1 ـ ان هناك 8 % من الاحداث يتراوح عمرهم (9 ـ 15 ) سنة ارتكبوا جرائم التسليب والخطف و 71 % يتراوح اعمارهم (15 ـ 18) سنة.
2 ـ 44 % من الاحداث يعانون من بطالة اوليائهم.
3 ـ 45 % من الاحداث كانوا متسربين دراسياً.
4 ـ 55 % من الاحداث كانت بيوتهم (ايجار) و 35 % منهم كانوا (متجاوزين) في السكن.
5 ـ 33 % من الاحداث كانوا ينتمون الى عوائل كبيرة وبيوت صغيرة.
6 ـ 43 % من الاحداث يسكنون في مناطق مكتظة بالسكان ومتخلفة ادارياً.
7 ـ 83 % من الاحداث يعانون من تقكك اسري لاسيما الطلاق وزواج الام بعد طلاقها.
8 ت 80 % من الاحداث ارتكبوا فعل التسليب نهاراً و 20 % ارتكبوا الفعل ليلاً.
9 ـ 55 % من الاحداث ارتكبوا فعل التسليب صيفاً و 88 % ارتكبوا الفعل مع مجموعة مع احداث آخرين.
10 ـ 45 % من الاحداث قاموا بتسليب سيارات و 33 % قاموا بتسليب اشخاص.
11 ـ 82 %  من الاحداث استخدموا القوة والسلاح اثناء عملية التسليب و 11 % استخدموا طرق الاحتيال.
12 ـ 27 % من الاحداث كانوا متناولين حبوب مخدرة اثناء عملية التسليب و 6 % كانوا متناولين مشروبات كحولية.
13 ـ 37 % من الاحداث ارتكبوا فعل التسليب لاسباب مادية و 31 % لوجود مشاكل عائلية و 17 % كانوا متورطين مع مجموعة و 11 % لحين الانتقام.
6
كيفية التعامل مع (جرائم الصغار)
هناك طريقان لابد من السير بهما لاجل الحد من (جرائم الصغار).
لاسيما العنيفة منها. وهما (الوقاية والعلاج) فالاساليب الوقائية هي الوسائل التي تتخذ قبل حدوث الفعل وهي العمل على ازالة جميع الاسباب التي تؤدي الى دفع الفرد لارتكاب الافعال الخاطئة للقانون والمجتمع وهي كما وضحنا (الاسباب المؤدية لجرائم الصغار). والوقاية تاخذ ثلاثة اشكال (العقابية والميكانيكية والاصلاحية).
فالعقابية هي تشريع القوانين والانظمة التي تحد من هذه الجرائم.
والميكانيكية هي وضع العراقيل والموانع في طريق المجرمين والمنحرفين كزيادة الشرطة والحواجز والوسائل الامنية والاصلاحية هي الاعتناء بالمؤسسات التي ينتمي اليها الشخص والاعتناء بالخدمات والناحية الصحية والتعليمية والاسرية والاقتصادية.
اما الطريق الثاني وهو (العلاج) والمقصود به هي الوسائل التي تتخذ بعد وقوع الفعل. والهدف منه هو لغرض اعادة تكيف الفرد وتعليمه وارشاده للطرق السليمة والسوية.
بالاضافة الى اكسابه مهارات ومهن تؤهله الى ان يندمج مع المجتمع مرة اخرى.
وهذه تنبع من الاعتناء بالمدارس الاصلاحية التي يدخل بها (الصغار) واختيار العناصر النزيهة والكفوءة في العمل بها. والتعامل مع الصغار بروح عصرية وعلمية ومهنية بعيدة عن الانتقام والشدة والقسوة.