This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة الفساد
25/02/2009

 

خضر عباس عطوان *
ليس الفساد ظاهرة جديدة على الساحة العراقية، وليس هو محصور في مكان واحد أو في نوعية معينة من المشروعات أو الوزارات.

فقد تلمسناه في النظام السابق، وظهرت وجوه المحسوبية، والرشى ومناصرة الولاءات والانحيازات غير الموضوعية في أعمال اغلب الساسة الجدد بشكل لافت للنظر. والاهتمام بهذه الظاهرة وآثارها الاقتصادية يأخذ حيزاً من اهتمام العراقيين الذين صارت نفسياتهم تسعى (وإن بأشكال أولية-بدائية) إلى محاربته.
والحاجة إلى الاهتمام بالظاهرة يمكن أن ترجع إلى المتغيرات الآتية:
 -ازدياد المعرفة بمضار الفساد، وتجارب الشعوب الأخرى في محاربته، وخاصة محاربة الرشوة والمحسوبية والإنحيازات الطائفية والفئوية.
-تزايد إعداد الكفاءات العلمية المتضررة من تفشي الظاهرة.
-وجود وسائل الإعلام التي يمكن أن تناقش فيها الظاهرة بشكل موضوعي ومن عدة جهات.
ونرى في الفساد سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب ومنافع خاصة تدخل ضمنه أشكال عدة، نسميها مظاهر الفساد. فإذا ما نظرنا إلى هذه الظاهرة؛ في حالة العراق تحديدا؛ سنجدها تأخذ الأشكال الآتية:
أ-الانحراف الأخلاقي لبعض المسؤولين. فهناك انحراف عن الأخلاق الفاضلة من قبل بعض من تولى/يتولى مسؤولية، أثناء اتخاذ قرارات مرتبطة باستغلال الموارد. فهناك رشوة، واختلاس، وغش، وتهرب ضريبي، والتعامل مع أكثر من منصب حكومي بمستحقات كل مركز منها...
ب-بيع أملاك الدولة، لتحقيق مصالح شخصية. ويتجسد ذلك بتدخل بعض قيادات القوى السياسية في بيع أراضي الدولة خاصة في أطراف العاصمة، وفي المحافظات.
ج-الاستغلال السيئ للوظيفة العامة أو الرسمية من أجل تحقيق المصلحة الخاصة، سواء أكانت هذه المصلحة مرتبطة بحزب أم عائلة، أم طائفة. وهو لا يعني بالضرورة حصول المسؤول المعني على رشوة مادية وإنما يعني استغلال المركز بما يخالف القواعد الموضوعية. كما هو حال تعيين الوزراء لمدراء ذوي

علاقة عائلية أو طائفية ضيقة بهم. أو منح الدرجات الوظيفية المتوافرة أو الإيفاد على وفق اعتبارات طائفية وحزبية ضيقة.
د-معالجة حالات الضعف في القدرات الإدارية والعلمية بتخريب التنظيم والمؤسسة الحكومية، من خلال خلق مجموعة نفعية تغطي العيوب وإزاحة قوى العمل القادرة على تحقيق انسيابية وكفاءة في العمل.
بمعنى آخر، انه يدخل ضمنه: سلوكيات الموظف الحكومي غير المنضبطة وفقا لمعايير سليمة، والعمولات التي تسهل عقد الصفقات، والرشى المقنعة والعينية، ومثالها وضع اليد على المال العام، الحصول على مواقع متقدمة للأبناء والأقارب في الجهاز الوظيفي وفي قطاع الأعمال. ومنهجيا، مظاهر الفساد ثلاثة، هي:
أ-فساد اداري متعلق بمسائل تنظيمية وانحرافات في سلوكيات الموظف، ومن حيث تأثيره وحجمه إلى إجمالي عملية الفساد في العراق يتراوح بين 15-20%، وفي الغالب يتعاطى مع هذا الشكل صغار الموظفين، حيث تظهر: الرشوة، تزوير الوثائق الرسمية، العمل المزدوج في أكثر من دائرة، عرقلة إجراء المعاملات، الابتزاز، استغلال النفوذ، الاختلاس عبر المحاصصة، عدم احترام وقت العمل، امتناع الموظف عن تأدية عمله، الوساطة...
ب-فساد مالي أو الفساد المنظم، وإجمالي تأثيرها يتراوح بين 35-40%، وتقوم به النخب الإدارية، ورجال الأعمال والوسطاء. وهو يتعلق بالآتي:
-التعاطي بالعطاءات التواطئية، مثلا طرق الترسية غير الصحيحة، التكتم عن المعلومات وعدم نشرها، تقييد المنافسة بطرق غير مشروعة، انتهاك سرية العروض، التقييم غير الموضوعي للعروض، استخدام الرشى للحصول على العقود...
-أو إحالة العقود وما ينطوي عليها من مواصفات، في مرحلة تالية على ترسية العطاءات، حيث التلاعب بالمواصفات والتلاعب بالجداول الزمنية للانجاز.
-أو فساد في المشتريات.
ج-فساد سياسي أو الفساد الشامل، وإجمالي تأثيره يتراوح بين 40-45%. وتقوم به النخب السياسية، ورجال الأعمال والنخب الإدارية. وشكله:
-المحسوبية، ويتمثل بالرشى والعمولات، النهب والاستحواذ على نطاق واسع عن طريق المناقصات العامة، منح الامتيازات الاقتصادية الخاصة لتحقيق أغراض سياسية..
-ومناصرة الولاءات، ويتمثل بالنهب الواسع للأموال والممتلكات الحكومية عن طريق صفقات غير موضوعية، تحويل ممتلكات عامة إلى مصالح خاصة بدعاوى مختلفة...
وفي العموم، ينتهي تقرير السفارة الأميركية المتعلق بقضايا الفساد للعام 2006 إلى أن المعضلة الرئيسة في مكافحة قضايا الفساد في أعلاه هي في الحصانة السياسية التي يتمتع بها الأشخاص المتهمون في المؤسسات الحكومية المختلفة.
وتختلف آثار وخطورة ظاهرة الفساد، وهي في العموم قد تصيب المجتمع ككل كما في إشاعة أسلوب المحاصصة الطائفية، كما قد يكون ضررها صغيرا مرتبطا بالمراكز الإدارية الدنيا، يكون ضحاياه المواطنون الذين يتحملون تكاليف إضافية لانجاز معاملاتهم الرسمية، أو حصولهم على الخدمات الأساسية سواء ما تعلق منها بالوقود أو سلة الغذاء أو المتطلبات الصحية... وفي العموم، لا يوجد في الحقيقة مقياس مباشر لقياس درجة الضرر أو الخطورة، وذلك لتعدد الممارسات الفاسدة، وحيث لا توجد دائرة /وزارة خالية منه. فمعظم المعاملات والعلاقات ملطخة به بدرجة أو أخرى. وإجمالا، تأثيرات الفساد تشمل المستويات التالية:
-السياسية، حيث التأثير على القبول بمشروعية الدولة، وهو ما يقود بالنتيجة إلى تشجيع اللااستقرار.
-الأملاك العامة، أو الاقتصادية، حيث التكلفة الباهظة تؤدي إلى خفض فعلي في معدلات تخصيص الموارد، ما يؤدي إلى إضرار بإمكانات تحقيق تنمية وخفض معدلات التنمية الاقتصادية والعدالة التوزيعية للدخل القومي.
-سمعة الدولة والمجتمع، حيث يؤدي إلى زعزعة قيم المجتمع وقواعد السلوك المقبول.
 وللفساد أثر وبائي، فالمسؤول المرتشي أو الذي يعمل وفقاً لنظام المحسوبية لابد أن يشرك آخرين في هذا الانحراف الأخلاقي، حتى يمكن مع مرور الزمن أن تصبح الوزارات بكاملها فاسدة.
 -المستقبل
-المواطن
ورغم ذلك يمكن رصد وتخصيص الآثار السلبية التالية:
أ-يقلل الفساد من الحافز على الاستثمار على المدى الطويل، لأن المواطنين ستكون عليهم أعباء إضافية عند القيام بأنشطتهم. بمعنى سيقع عليهم أداء مهام أهل الحظوة والامتياز القائم على نظام المحسوبية والانحياز والرشوة. وبالتالي تزداد التكلفة على نحو غير مبرر موضوعيا وهذا ما سيقلل من الحافز على العمل.
ب-يشوه الفساد الحوافز نحو الكفاءة والعمل الجاد، فيخصص الأفراد وقتهم لممارسة الفساد وليسللأنشطة المنتجة.
ج-يقلل الفساد من نوعية العمل وكفاءته.
 فالفساد يرفع من شأن العمالة المتدنية الكفاءة، التي تدفع الرشى أو التي تصعد على أكتاف المحسوبية.
د-يزيد الفساد من الفقر وعدم العدالة في توزيع الدخل.
 إذ يقلل من مقدرة الفقراء على الكسب، لأنهم لم يحصلوا بسببه على نصيبهم الموضوعي من الوظائف والفرص، كما يزيد من درجة عدم العدالة التوزيعية، لاستفادة المسؤولين من فرص الربح غير المشروع، ويكون ذلك على حساب أفراد المجتمع الآخرين، حيث ينال أصحاب العلاقات المميزة أفضل المميزات. ويقلل هذا بلا شك من الحافز لدى فئات الشعب الأخرى للمساهمة بصورة جادة في تحقيق الاعمار، طالما أن ثماره لن توزع بصورة عادلة.هـ-سيولد الفساد ثقافة الفساد التي تجعل المسؤولين يحرصون على عدم تغيير اللوائح والقواعد التي اغتنوا بسببها، بل سيحاولون توليد المزيد منها من أجل الربح الأكبر، وتخفض هذه الثقافة من ثقة أفراد المجتمع في الوزارات ومن سلطة النظام السياسي الأخلاقية.
*جامعة النهرين

YouTube: iraqicf Shakiry Charity - Instegram Shakiry Charity - Tiktok
Charity Registered in 2006, No: 1115625
العراق
تأسست 2006 رقم التسجيل IZ70166

 

Tel: +44 (0) 7503 185594     للتواصل معنا
Unit 1, Freetrade House, Lowther Road, Stanmore, HA7 1EP, United Kingdom