This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

منظمات المجتمع المدني وهدف الارتقاء بالانسان العراقي
18/06/2007

بغداد- ياسر المتولي – جريدة الصباح
حدد المنتدى القانوني الاستشاري الاول لمؤسسات المجتمع المدني اسباب تراجع اداء هذه المؤسسات من خلال مراجعته للاطار العام لطبيعة العلاقات والنظم والقوانين والتشريعات التي كانت تحكم هذه المؤسسات ، فيما اطلق تصوراته ورؤاه القانونية التي تغطي مساحة عمل هذه المؤسسات في المرحلة الجديدة .

 

نظرة الى مؤسسات المجتمع المدني العراقي
الدكتور باسل العزاوي رئيس المفوضية العراقية لمؤسسات المجتمع المدني بدأ حديثه بالقول.. يعتبر العراق من اول الدول والحضارات التي انطلقت في مجال العناية والتنظيم للمجتمع المدني وكان المجتمع العراقي مهتما بشكله وتنظيمه وعلاقاته الاجتماعية المرضية وداعما ومنميا لمنظماته المدنية وتجمعاته المهنية والثقافية والعلمية والاقتصادية والفنية المختلفة .ولكن مضى قائلا بعد سيطرة النظام المباد وعسكرته للمجتمع المدني وتحويل المؤسسات المدنية الى خدمة آلته العسكرية وخدمة توجهات حزبه الواحد وسيطرته عليها ، فحلت الديكتاتورية محل الديمقراطية فحولت هذه المنظمات المدنية الى اداة قمعية وشريكا للسلطة المستبدة .
واستطرد .. ادى هذا الاسلوب الى انعدام دور مؤسسات المجتمع المدني واضمحلال وجودها وصوتها لتصبح شكلا من اشكال النظام المباد على الساحة العراقية.
وبعد السقوط وازالة النظام والحواجز والقيود ووضوح الرؤية.. كان لزاما على المؤسسات النهوض بمهامها وبمكوناتها وتطوير بنيتها التحتية ، والهدف بناء الانسان العراقي من خلال تطوير وبناء مؤسساته المدنية وصولا الى قيام المجتمع المدني العراقي الجديد وفق مبادئ المحبة والتعاون والسلام وحقوق الانسان والقانون ..
واكد الدكتور باسل العزاوي الان برزت الحاجة الى وجود مؤسسات المجتمع المدني ومنظماته هادفة لتكون تجمعات تخدم المجتمع المدني وتطوره وقوى ديمقراطية وطنية فاعلة ومنبرا للحرية الهادفة تسعى لبناء المجتمع المدني وتناضل من اجل تطوره وتعنى بالانسان وحاجاته لتعيد الحياة المدنية للعراق الجديد .
واضاف.. مع اهمية هذه التجمعات وحداثة التجربة لبعضها والعزلة التي فرضت عليها من النظام السابق عن التجارب العالمية والحضارية،وبعد تأسيس العديد من المؤسسات المدنية غير الحكومية الحديثة الفكر والتسمية واعادة بناء المنظمات العريقة السابقة بملاكات وادارات ورؤى جديدة.
اصبحت الحاجة ملحة وضرورية لايجاد جهة تمثلها ومرجعية تنظيمية توحد قرارها وتنسق عملها.
وفي هذا الصدد يشير العزاوي الى انه رافق هذه الولادة بروز بعض المنظمات الوهمية والنفعية والتي ستتلاشى تباعا طبقا لآليات العمل الجديدة التي تستند الى الطوعية في العمل والايثار والتضحية للمجتمع.
وتأسيسا على ذلك فاكرر واجدد دعوتي لايجاد تشريع يعطي مساحة عمل هذه المؤسسات وان يكون القانون الموضوع مستندا الى المشاركة العامة والشفافية العالية ومعتمدا الديمقراطية في تطبيق فقراته وصولا الى رؤية واضحة وايجاد قانون حضاري يناسب المجتمع العراقي.
وبشأن مداخلة وسؤال لـ” الصباح “ عن مدى العلاقة بين المفوضية ووزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني التي استحدثت لهذا الغرض.. قال العزاوي ان مؤسسات المجتمع المدني هي مؤسسات غير حكومية لايمكن ان تخضع الى الدولة باي حال من الاحوال وذلك بجعلها تابعا لتنفيذ سياسية الدولة كما هو الحال في الوقت السابق.. وبذا تتقاطع مع اهداف المؤسسات باعتبارها سلطة خامسة تعمل على مراجعة اداء الحكومة.
غير انه ترك الباب مفتوحا لايجاد علاقة متوازنة حسب مايراها العزاوي في ان تكون هذه الوزارة معينا للمؤسسات في تأدية مهامها وفي مثل هذه الحالة يتعين على الوزارة ان تبرم عقدا مع المفوضية يلزم الطرفين في التعامل على هذا الاساس وكل حسب صلاحياته وبذلك نضمن سلامة العلاقة والا لانحتاج الى رقيب على نشاطاتنا التي هي في ذاتها تشير نحو تطبيق الديمقراطية وخدمة المجتمع.
واضاف سنرى ماذا ستقدم الوزارة في الحكومة الجديدة لمؤسسات المجتمع المدني وعند ذلك نحكم في ماذا نتعامل معها او نقاطعها .
تقييم ومراجعة الامر 45 الخاص بالمنظمات غير الحكومية
وهنا لابد لي من الاشارة الى قيام المنتدى القانوني الاستشاري الاول بتقييم ومراجعة الامر 45،الخاص بالمنظمات غير الحكومية الذي اصدره السفير برايمر الحاكم المدني للعراق في المدة السابقة.
ان هذا الامر اعتمد في العراق بشكل قانوني لتسجيل المنظمات غير الحكومية مستندا الى الصلاحيات الممنوحة للسلطة بموجب القرار 1511 في سنة 2003 الصادر من مجلس الامن، قد جاء كما ورد في مقدمة الامر لغرض ايجاد اسلوب مركزي لتسجيل المنظمات غير الحكومية وتنسيق انشطتها ومنع استغلالها لتحقيق اغراض غير قانونية او ان تستهدف الاحتيال ويعتبر هذا الامر مدخلا حضاريا ومرتكزا مهما لتشريع قانوني يعنى بهذه الامور.
واوضح الدكتور باسل العزاوي انه عند مراجعة وتقييم الامر 45 وتطبيقه في المرحلة السابقة ظهر انه حدد وزارة التخطيط والتعاون الانمائي كجهة عليا معنية بالموضوع واعتمد طبيعة عملها التخطيطي والتوثيقي الاحصائي وهنا نجد ان هذا الاختبار هو صحيح في تلك المرحلة .
والاستنتاج الذي خرج به المنتدى انه يقتضي الآن تأسيس جهة عليا تنظيمية تنسيقية مفوضة عن مؤسسات المجتمع المدني العراقي مرتبطة بمجلس الوزراء اداريا وتمارس عملها وبرامجها لامركزيا.
كما عين الامر (45) مكتبا يسمى مكتب مساعدة المنظمات غير الحكومية مختصا كمسجل عام للمنظمات وهو المسؤول عن كافة جوانب عمل المنظمات والمفروض ان عمله يحدد في مساعدة المنظمات ودعمها لاتساع المساعدة واهميته واناطة بقية الواجبات والمهمات التي وردت في الامر الى جهة عليا مفوضة عن المؤسسات.
والمأخذ الاخر الذي سجله المنتدى القانوني هو ان من متطلبات التسجيل التي توفرها لاكمال التسجيل هو العنوان الكامل للمنظمة وهنا يجب ان يتوفر لها مقر يتم التخاطب والمتابعة من خلاله لكن وجد ان عددا كبيرا من المنظمات التي تم تسجيلها لايتوفر لها مقر عمل وهذه مخالفة للامر.
كما وردت في الامر العديد من طلبات المعلومات والتفاصيل عن المنظمات التي هي غير عراقية كوسيلة قانونية معلوماتية وتحوطات تفرضها حالة البلاد وانعدام الامن وهنا يتعين اعتماد تأييد وزارة الخارجية الرسمي كما يتطلب استحداث قسم مختص لتسجيل ومتابعة المنظمات الدولية.
وبين المنتدى القانوني مأخذا اخر على هذا الامر، حيث ورود نصوص تشير الى الميزانية وتفاصيلها بدون المطالبة باثبات هذه الميزانية او تدقيق الموارد المالية وترتب على ذلك بروز منظمات وهمية وحصولها على اجازة التسجيل ومنحها صفة قانونية ونتج عن ذلك ظهور منظمات نفعية او تستغل الموارد المتاحة لمنفعة شخصية مما تسبب بالاساءة الى عمل المنظمات.
اضف الى ما تقدم فقد خصص القانون القسم الخامس بجميع فقراته للامور المالية مما يتطلب جهة مالية تدقيقية متخصصة لكن لم نلحظ توفر ذلك في تجربة المرحلة السابقة واهمال الموضوع الذي قد يؤدي الى ظهور منظمات داعمة للارهاب وممولة منه او حدوث استغلال مالي مشبوه. واشترط متطلبات التسجيل قائمة باسماء اعضاء مجلس الادارة من الذين هم موظفون حكوميون مع افتراض كون رئيس المنظمة غير حكومي منعا للازدواجية او لتدخل الدولة بهذا المنفذ الرسمي.
وكشف المنتدى مأخذا اخر يتعلق بأن اعطى القسم السابع الفقرة (6) قوة للامر (45) وخول بموجبه ان تحل فقرات الامر محل كافة الفقرات التي ترد في القوانين السابقة وتتعارض معه.. غير ان بعض الوزارات ودوائر الدولة مازالت تعتمد قانون 13 لسنة 2000 وهذه مخالفة للامر (45) ولم تقم الدولة بتنفيذ فقرات الامر.
ومن المآخذ الاخرى ان مؤسسات الدولة لم تتح المجال امام المنظمات لاعطائها الفرص الحقيقية وفسح المجال امامها للمشاركة الفعلية في الاجتماعات الدولية.. واعتمدت مصلحة وزاراتها بوعود ومماطلة في وقت اشارت الفقرة (9) من الامر بوضوح على ضرورة مشاركة المنظمات غير الحكومية في اجتماعات التنسيق والتضامن الدولية لضمان حصول المنظمات على المساعدة على نحو فعال ويوحي المنتدى بضرورة تفعيل هذا الجانب.
فيما اشارت الفقرة العاشرة في نهاية الامر الى استمرار العمل بهذا النظام حتى الوصول الى الحكومة الانتقالية ذات السيادة الكاملة اي حتى صدور الدستور وفي مثل هذه الحالة يتعين علينا تهيئة قانون للمنظمات غير الحكومية جديد تقره الجمعية الوطنية مستندا الى هذا النظام بعد معالجة نقاط الضعف ودراسة تطبيقه في المرحلة السابعة والمشاركة الواسعة للوصول الى تشريع حضاري متكامل.

عرض التجارب العالمية

ومن المفيد الاشارة الى ان المنتدى القانوني الاستشاري الاول لمؤسسات المجتمع المدني قد استعرض خلال انعقاده بعض التشريعات والقوانين العربية والدولية ومنها قانون الجمعيات الخيرية والهيئات الاهلية رقم (1) لسنة 2000 في فلسطين  كما قدم  عرضا موجزا للقانون المصري الصادر عام 1999 للمنظمات الحكومية وقانون الجمعيات الصادر في الجزائر لنفس العام وقانون المنظمات في السويد وبعض القوانين الدولية الاخرى لدراسة التجارب الدولية في هذا المجال ولوحظ توفر اطر قانونية خاصة لعمل الاحزاب السياسية وقوانين خاصة للجمعيات والاتحادات المهنية ونظم قانونية للعمل الطوعي والجمعيات الخيرية والاهلية. واستنتج المنتدى من خلال قراءته لهذه القوانين واستعراضها ان اغلب القوانين العربية تنص على الممارسة العقلية لحرية تاسيس جمعيات ومنظمات المجتمع المدني وفسح المجال امام عملها ولكن حدد في بعض القوانين جهة تسجيلها في وزارة الداخلية مما ينتج عن ضعف شفافية العمل وظهور وصاية الدولة على عمل منظمات المجتمع المدني. كما لوحظ عدم وجود النص في دستور الدولة على استقلالية مؤسسات المجتمع المدني ودعمها الكامل ولن يعطي هذه المؤسسات دورها الفاعل في المشاركة والنهوض بالمجتمع المدني في حين خصصت المادة 21 من قانون ادارة الدولة لاعطاء الحق لمؤسسات المجتمع المدني تطوير عملها دون تدخل الدولة مما فسح المجال امامها للممارسة الديمقراطية والمشاركة الفاعلة في تنمية المجتمع.
توصيات المنتدى
وقد حدد المنتدى القانوني عدة توصيات بعد الاستماع الى الاراء والحوارات المفتوحة حيث اوصى المنتدى بعقد مؤتمر وطني عام نشارك فيه جميع مؤسسات المجتمع المدني وممثلو الدولة لاقرار  التوصيات والمشاركة العامة من المجتمع المدني وشخصيات المجتمع والمعنيين  كما اوصى المنتدى بضرورة تشكيل لجنة لمتابعة وتنسيق التوصيات والاتصال بالجمعية الوطنية العراقية ومؤسسات الدولة لاشعارها بالتوصيات كما اوصى المنتدى بضرورة اشراك ممثلين عن المجتمع المدني في لجنة كتابة الدستور وفي الصياغة النهائية وتضمين دستورالعراق مواد تضمن استقلالية مؤسسات المجتمع المدني واعتبارها محكمة تنفيذية عليا معنية بالمؤسسات الحكومية على ان تنتخب في المؤتمر العام وترتبط بمجلس الوزراء كما ستقوم لجنة صياغة القانون والمقترحات القانونية باعداد مسودات قانونية تخص مؤسسات المجتمع المدني واعتماد ورقة تقييم ومراجعة الامر 45 كمصدر للقانون المقترح كما اوصى المنتدى بتثبيت حصة نيابية في الانتخابات المقبلة لتمثيل منظمات المجتمع المدني ودعم المؤسسات غير الحكومية من واردات العراق وتوفير مستلزمات عملها.