بغداد/ أصوات العراق: اجمع عدد من الاخصائيين والخبراء على أن نسبة الاصابة بمرض السكري في العراق اكثر من غيره من الدول، معللين السبب بالعنف والصدمات التي تعد من اكثر المحفزات لظهوره.
ففي حين رأى خبير في داء السكري أن العنف قد يلعب دورا في تدهور السيطرة عليه لدى المصابين به، كشف طبيب نفساني مختص عن أن مرض السكر وارد جدا في العراق وسببه الرئيس انه ناتج عن الضغوط والصدمات النفسية بالاضافة الى اسباب أخرى.
وقال الخبير عبد الأمير الأشبال لوكالة (أصوات العراق) إن "السكر من الامراض الصامتة التي تأخذ مسارها دون وجود اعراض والتي منها العطش وتكرار الإدرار وكثرته وفقدان الوزن والشعور بالإرهاق والإعياء والغشاوة في النظر".
وبين ان "داء السكر لايظهر إلا بعد تطور مضاعفاته المزمنة وبحدوث وقت الشدة الذي ينقسم الى شدة جسمية نتيجة الإلتهابات والعمليات الجراحية والكسور، وأيضا الشدة النفسية والضغط الناتج عنها، هذه عادة تساعد على ارتفاع نوع من هرمونات الكورتزون والأدرنالجية، التي ترفع نسبة السكر في الدم".
وتابع قائلا إن "نسبة الإصابة بالمرض في العراق تصل الى 50% مقارنة بما ما يصاب به الإماراتيون أو دول أخرى في الخليج العربي، بسبب قلة الحركة والغذاء غير الصحي والسمنة، لكن قد يلعب العنف في العراق دورا في تدهور السيطرة على داء السكر عند المصابين به، لكن العنف بمفرده لايسبب السكر".
واستدرك قائلا إن "هناك نظرية علمية غير ثابتة، تفيد بإن الشدة النفسية تغير جهاز المناعة وتحفزه بإتجاه معين وتجعله يتعامل مع الانسولين كاجسام غريبة فيقضي عليها ويظهر السكر، إلا إنني مع ما مفاده بأن الاستعداد الوراثي والجيني يلعب دورا كبيرا في التفاعل مع العوامل المحيطة والمكتسبة".
وأوضح ان "الأشخاص الذين لديهم سكر صامت يرتفع بسبب هذه الشدة، حيث يدهوره الى درجة تظهر عندها اعراض المرض، او ان هناك حالات اصابة تكتشف بمجرد ان تحدث جلطة دماغية او قلبية، فيكتشف في هذه اللحظات وبصورة غير متوقعة".
وأضاف الإستشاري والأستاذ في كلية الطب/ الجامعة المستنصرية أن "داء السكر له نمطين، الأول الذي يصيب الأطفال والذي كان يسمى بداء السكري المعتمد على الانسولين، وهناك داء السكر وهو النمط الثاني، وفي كلتا الحالتين لابد من وجود استعداد جيني وراثي أو عائلي تتفاعل مع عوامل مكتسبة أو محيطية".
من جهته، قال أخصائي الأمراض النفسية والعصبية باسم عباس أحمد لوكالة (أصوات العراق) إن "الأمراض النفسية الجسمية قد تكون مسببة لحدوث امراض عضوية او قد تكون الأمراض العضوية موجودة أصلا، غير ان الأمراض النفسية الجسمية تساعد على ظهور وتفاقم الحالة العضوية الموجودة".
وبين أن "من هذه الأمراض الضغوط النفسية والصدمات المفاجئة، فتجد ان صدمة ما قد تؤدي الى الاصابة بالمرض، ولدينا حالات اصابة به نتيجة قفز حيوان ما مثل القط بوجه الأطفال او انفجار قرب مدرسة او روضة، فمرض السكر وارد جدا في العراق وسببه الرئيس انه ناتج عن الضغوط والصدمات النفسية، وهذه ليست كل الأسباب وانما احدها".
وأضاف أحمد وهو عضو جمعية الأطباء النفسانيين العراقية "كنا قد عملنا في وقت سابق مسحا للمدارس عن الامراض النفسية فوجدنا ان هناك امراضا عضوية ناتجة عن صدمات نفسية، نتيجة مداهمة عسكرية او سرقة عصابة ومهاجمتها لعائلة شخص معين فيصاب بالسكر الذي يسمى بسكر الأحداث دون الـ30 عاما وعلاجه بزرق الأنسولين تحت الجلد)، وسكر الكبار علاجه بالحمية الغذائية او بالعقاقير".
وعن سبب استجابة البعض السريعة للمرض أوضح أحمد أن "كل انسان له مواصفات شخصية، وهذه ترجع الى التنشئة الاجتماعية ومن يتحمل فيها الصدمات المفاجئة، فالعوائل التي تتمتع بالحماية الزائدة عن حدها لأطفالها، يكون هؤلاء الأطفال معرضين اكثر للإصابة بالسكر في حال تعرضهم لمواقف وصدمات قوية، على عكس من تكون شخصيته أقوى".
إلى ذلك، قالت بسمة أزهر أخصائية الكيمياء السريرية لوكالة (اصوات العراق) إن "نسب الإصابة بمرض السكري تتزايد سنة بعد أخرى من خلال التحليلات التي نجريها هنا في مختبرنا، والتي أكثرها بسبب حالات نفسية".
وعبرت عن اعتقادها بأن "نسبة غير قليلة من المجتمع لديهم استعداد للإصابة بمرض السكري بفعل وجود مورثات تسبب ذلك فأي حالة نفسية او صدمة شديدة تؤدي الى الإصابة به، اذ تختلف الفترات التي يشعر فيها الإنسان بإصابته بالسكري بين أيام أو أشهر او حتى سنة".
وأضافت أن "هناك عددا من الذين نجوا من تفجيرات وحوادث عنف لم يشعروا بإصابتهم إلا بعد فترة ونجد ان اكثر الحالات تلك قد حدثت بين عامي 2006 و2009، وبعضهم اطفال بعمر سنتين او ثلاث سنوات".
أما الشاب علي عدنان، الذي أصيب بمرض السكري قبل عامين لدى وقوع قذيفة هاون قرب داره، فقال لوكالة (أصوات العراق) "بعد أن أصبت بمرض السكري تأكد لي ان جدي من والد أمي كان مصابا بالمرض، والطبيب الأخصائي ذكر لي ان الصدمة هي التي أظهرت المرض الموجود عندي أصلا بفعل العامل الوراثي".
فيما قالت فرح جاسم لوكالة (اصوات العراق) إن شقيقتها "اصيبت بداء السكري بعد ان حدث تفجير مروع في منطقة الكرادة عام 2006، حيث سمعنا باصابة أمي وأخي فيه بجروح بليغة فأغمي على أختي حال سماعها الخبر، وعندما لم نفلح في افاقتها نقلناها الى المستشفى، وهناك تبين انها اصيبت بداء السكري".
واستدركت قائلة "لكن الذي أثار استغرابنا ان أبي وامي لم يكونا مصابين بالمرض، لذا ظننا ان تأثير الحادث المروع هو الذي أحدث هذه الاصابة، وهي لحد الآن مازالت تعاني من هذا المرض".
من جانبه، قال سلام محمد امين لوكالة (اصوات العراق) إن "والدي كان مصابا بمرض السكري ولازال، ولم أكن أشعر بإني مصاب به اطلاقا، لكن بعد ان تم تهديد اهلي في منطقتنا السكنية القديمة وتهجيرنا، شعرت بعدها بفترة ان لدي رغبة بشرب كميات كبيرة من الماء يرافقها شعور بالتعب، وحينما أجريت فحوصات وتحليلات اكتشفت اصابتي بمرض السكري، وللآن أنا أعاني من مضاعفات المرض".
ح س (تح) - ش م