أكثر من مليون معاق في العراق، يعيش معظمهم في ظروف صحية ومعيشية سيئة، وبعضهم امتهن التسول. تشاهد الكثير منهم عند اشارات المرور وفي الأماكن المكتظة، بسبب عدم وجود جمعيات خاصة لرعايتهم، في حين يصر آخرون على ان يمارسوا مهنة تتناسب ودرجة الإعاقة.
وفيما تؤكد وزارة الصحة وعدد من الجمعيات التي تعنى بشؤون المعاقين انه من الصعوبة إصدار احصائية دقيقة لعددهم إلا أن عدداً من الدراسات الميدانية لوزارة الصحة بالتعاون مع منظمة المعاقين الدولية تشير الى وجود نحو مليون معاق، تراوح إعاقته بين العجز الكلي والمحدود.
ويقول الدكتور صباح الربيعي مدير قسم المعاقين في وزارة الصحة لـ «الحياة» ان «اعداد المعاقين بعد عام 2003 ازداد اكثر من 30 في المئة بسبب الاوضاع الامنية السيئة»، مضيفاً ان عدد معوقي الحرب المسجلين لدى هيئة رعاية المعوقين بلغ 43600 بينهم 7000 من ذوي العجز الكلي وعدد ممن تعرضت اعضاؤهم للبتر وصل الى 100 الف تقريباً، فيما بلغ عدد المكفوفين 250 الفاً»، ويضيف إنه «في حال عدم استقرار الوضع واستمرار العمليات العسكرية والعنف الطائفي فإن ذلك سيؤدي الى تزايد اعداد المعاقين بشكل كبير قد يفوق النسب الموجودة، لا في المنطقة فحسب بل في العالم».
واسباب ازدياد نسبة المعاقين بهذا الشكل المخيف معروفة فالحروب التي خاضها العراق منذ ثمانينات القرن الماضي افرزت ظاهرة المعاقين.
ويقول حسن عبيد الذي فقد ساقه في حرب الخليج الثانية ويمتهن بيع السجائر على احد الارصفة في منطقة الباب الشرقي «لا أقبل ان أعيش عالة على أحد إلا ان الراتب الذي تخصصه الحكومة لا يكفي لمعيشتي لفترة اسبوع واحد، وبعد سقوط النظام كنا نتمنى ان نجد رعاية أفضل من السابق إلا ان الامر ازداد سوءاً حتى اننا اصبحنا في دائرة الاتهام كوننا شاركنا في الحرب على ايران او غزو الكويت».
جمعية المعاقين العراقية تقدم بعض المساعدات لحوالي 60 الف معاق، بحسب رئيس الجمعية موفق الخفاجي، الذي يؤكد لـ «الحياة» ان جمعيته «تعمل على تقديم خدمات لحالات العوق الجسدي الشديد فقط ولا يمكنها توسيع دائرة الرعاية للمعاقين الآخرين بسبب قلة الدعم سواء الحكومي او من المنظمات الدولية»، مشيراً الى ان الجمعية «لا تطالب السلطات او المنظمات الانسانية بأن تقدم لها الكماليات، بل ان توفر لنا الاساسيات، مثل المسكن والمستلزمات التي يحتاجها المعاق من كراس متحركة وعكازات».
وعلى رغم الانفتاح الذي شهده المجتمع العراقي بعد الاحتلال الاميركي وانتشار العشرات من المنظمات والهيئات المستقلة ومؤسسات المجتمع المدني، إلا ان بعض تلك المنظمات صارت تتاجر بقضية المعاقين. ويشير قاسم المفرجي، عضو جمعية المعاقين العراقية، الى وجود «فساد اداري في المؤسسات الصحية الحكومية». ويلفت الى ان «معلومات متوافرة لدينا تؤكد ان منظمات دولية رصدت اموالاً لمشاريع تأهيل ورعاية المعاقين بالتنسيق مع الحكومة الا اننا لم نلحظ اي مبادرة من وزارة الصحة في دعوة المنظمات التي تعنى بأمور المعاقين للوقوف على اعدادهم وتوزيع المعونات عليهم».