متى كان مطلوبا من الحكومة رعاية الايتام والمعاقين وتربية الاطفال وهي المنشغلة بقضايا السياسة والامن والاقتصاد وألف قضية وقضية اخرى؟
متابعة لما اصبح يعرف اليوم بفضيحة او "قضية دار الحنان لشديدي العوق" قامت لجنة المراة والاسرة والطفولة في مجلس النواب وبرئاسة السيدة رئيسة اللجنة وإحدى أعضاء اللجنة قامت بزيارة دار الحنان وخلصت بعد مداولات ونقاشات حول ملابسات الموضوع الى أسباب عديدة كما قدمت مجموعة توصيات بهذا الشأن في بيان صحفي نشرته موسوعة النهرين بتاريخ 19/7/2007، وقد الحقناه في ذيل هذا التقرير لكل من يرغب بالاطلاع عليه، ولكن ما نريد قوله والتأكيد عليه هو أنه كان يجدر باللجنة البرلمانية الموقرة أن تضع حلا جذريا للمشكلة وليس وضع حلول ترقيعية. وبنظرنا فإن الحل الجذري يكمن في تخلي الحكومة المنشغلة بقضايا السياسة والأمن والحروب واقتصاد المواطن وألف قضية وقضية اخرى، عن الانشغال بالامور الاجتماعية واحالتها الى الجمعيات الاهلية والى المجتمع الاهلي ليقوم هو بدوره وهو الاعرف والأكثر قدرة وكفاءة بتسيير قضاياه وشؤونه من اي مجموعة من الموظفين التابعين لأية وزارة ينخرها الفساد وتعمها البيروقراطية.
اذا كان مفهوما ما قام به النظام البائد من قمع لكل نشاط اجتماعي ومنع منعا باتا تأسيس الجمعيات الاهلية فما الذي يمنع حكوماتنا، في الوقت الحاضر، من تخويل الناس ودعمهم ومساندتهم لتأسيس كيانات أهلية وطنية يتعهدها المتطوعون والمحسنون منهم؟
ففي عرف الاستبداد أن الدولة يجب أن تكون شاملة وكلية وخارقة الأداء والقدرات، فهي تقوم بكل شيء نيابة عن المواطنين، فتبيع وتشتري وتتاجر وتعجن وتخبز، وتزرع الفجل والبصل والطماطة والبطاطة، وتجني محصول الشلب والبطيخ والرقي وكل انواع الفواكه والخضار وما خلق الله تعالى للناس والدواب، وتقوم بالرعاية الصحية، فتقدم العلاج وتبيع الأدوية وتتعهد بالخدمات الاجتماعية والبلدية، وتحتكر الفكر وطباعة الكتب وتتحكم بوسائل الإعلام المقروء والمكتوب والمسموع، وتصادر الرأي كما تصادرحق المواطنين في المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتنوب عنهم باتخاذ القرارات المصيرية وغير المصيرية، فتشن الحروب او تبني البيوت الطينية او الخوصية، لافرق، وتأمر الناس بالتصفيق لها والهرولة خلفها، واتباع أوامرها كما لو كان المواطنون حفنة من العبيد، او إن صح التعبير "شنقة" عجين تخبزه بيدها، أرغفة او صمونا او كعكا او بسكويتا أو حتى "كليجة" أو " سمسمية" أو أي شئ آخر.
هكذا كان الحال في زمن النظام البائد. وكان من الطبيعي أن يؤدي كل ذلك الى ورثنا لتركة ثقيلة اسمها "تعطل العقول الآدمية" وكانت من مظاهرها الاتكالية وانتظار الأوامر وعدم القدرة على الاجتهاد والمبادرة، خصوصا في دوائر الدولة ومرافقها العامة.
وكان من مظاهر ما ابتلينا به كشعب هو تعود الناس وللأسف الشديد، على الجلوس وانتظار أن تأتينا الدولة او الحكومة بكل ما نريد، كما عودتنا هي .. أن تزرع لنا وتحصد وتعجن وتخبز وتقرر وتبني دورا للايتام وترعى المعاقين والى آخر القائمة التي ذكرناها سلفا.
والدليل على ذلك.. هو عدم معرفتنا، ليس كلنا بالطبع، بشيء اسمه التطوع الفردي والجماعي والمبادرة الى تأسيس الجمعيات الاهلية "غير الحكومية" او الانضمام الى ما هو موجود منها والعمل على تفعيل دورها ومساندتها بالمال اوالكلمة الطيبة. ومن ثم لنترجم ذلك الفهم والادراك الى فعل وعمل جماعي يقوم بكل شيء ابتداء من تنظيف وتشجير الطرقات الواقعة امام بيوتنا ومرورا بتعبيد الأرصفة والشوارع، وتشييد الجسور وبناء المساكن، وليس انتهاء برعاية الأيتام والمرضى والمعاقين وتأسيس المراكز الصحية والخدمية الاخرى.
ولكن ما هو الحل؟
الجواب: لابد لنا أن نقوم بمعالجة الخلل الحاصل وتدارك الأخطاء المرتكبة وإعادة النظر في الكثير من السياسات والممارسات وتأمين التوازن بين واجبات الدولة وواجبات المواطن وحقوق الدولة وحقوق المواطن حتى ينفض الجميع عن أنفسهم غبار الكسل والتواكل ويتخلصوا من روح اللامبالاة واللامسؤولية، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فلابد أن تتخلص الأنظمة والدوائر الحكومية من عقدة السيطرة وتوابعها والهيمنة على المقدرات والخوف من التخلي عن أي جزء من صلاحياتها ومسؤولياتها، خصوصا في مجالات العمل الخيري مثل رعاية الايتام والمعاقين. ولهذا فلابد للحكومة ان تقوم بإحالة اوتحويل تلك المسؤوليات الى الجمعيات الاهلية التي تعتبر الاكثر اهلية وكفاءة من اي مؤسسة حكومية خاضعة للفساد والبيروقراطية وتسود افرادها اجواء اداء الواجب الوظيفي وحسب.
ان عدم القدرة وانعدام الأهلية للمؤسسات الحكومية والبيروقراطية وعقلية الموظف والمكلف بالواجب الوظيفي كلها أسباب تؤدي حتما الى نتائج وخيمة مثل ما أدت اليه مؤخرا "قضية دار الحنان لشديدي العوق" التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
* * *
فيما يلي البيان الصحفي للجنة المرأة والاسرة والطفولة في مجلس النواب العراقي والمنشور في موسوعة النهرين بتاريخ 19/7/2007 :
(في قضية دار الحنان لشديدي العوق)
قامت لجنة المراة والاسرة والطفولة في المجلس الموقر والمتمثلة برئيسة اللجنة بزيارة الدار المذكورة بصفة متنكرة وليس بصفتها الرسمية وعلى اثر ذلك سجلت السيدة رئيسة اللجنة جملة سلبيات على القائمين للعمل في هذه الدار وانتهت بعد اطلاع اعضاء اللجنة على تلك الملاحظات بالكتابة الى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتوصيات من ضمنها طلب فصل الذكور عن الاناث مما دفع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الى نقل (24) طفل (ذكر) الى البناية الجديدة في الشالجية وذلك بتاريخ 16/5/2007 ، غير ان المداهمة حصلت بعد (21) يوم من نقلهم أي في 10/6/2007 .. ولم تحصل المداهمة في دار الحنان البناية الاصل ... وعلى اثر ذلك زارت السيدة رئيسة اللجنة سميرة جعفر علي الموسوي وإحدى أعضاء اللجنة السيدة ( نادرة عايف حبيب العاني ) دار الحنان وذلك يوم الخميس الموافق 21/ 6/2007 وبعد الاستماع الى القائمين على اعمال الدار للمستفيدين من الاطفال المعوقين ... دعت اللجنة بعد ايام المدير العام لذوي الاحتياجات الخاصة والسيدة مديرة دور الايتام الى اللجنة وفي نقاشات ومداولات حول ملابسات الموضوع خلصت اللجنة الى الاتي :-
توصيات اللجنة :-
1. تم عرض الاطفال الذين زعمت القوة المداهمة بالاعتداء عليهم جنسيا على لجنة طبية مختصة وقد توضح للجنة ان لا حقيقة لما ورد في زعم تلك الادعاءات .
سميرة جعفر على الموسوي
رئيس لجنة المرأة والأسرة والطفولة
عضو مجلس النواب العراقي
التاريخ : / 7/2007