تنشط الجمعيات الاهلية الخيرية في محافظة كربلاء المقدسة، سواء منها العاملة في مجال اغاثة النازحين او تلك التي تهتم بتزويج العزاب وتوزع الهدايا وتقدم اخشاب غرف النوم للعرسان وبأسعار تصل الى الثلث او تلك التي تقوم بافتتاح الدورات التعليمية والتدريبية وفي حقول مختلفة اهمها حقل التدريب على الحاسوب والانترنيت، هذا بالاضافة الى الجمعيات المهتمة برعاية الفقراء والايتام وكفالتهم. ومن خلال ما تصلنا من اخبار عن نشاطات تلك الجمعيات وبرامجها المتعددة اصبحنا نلحظ وجود سباق مع الزمن يحاول الخيرون من خلاله تطوير المجتمع نحو الافضل بعيدا عن دهاليز المؤسسات الحكومية التي اقل ما يقال عنها أنها بطيئة الحركة. فقبل أيام قليلة أرسلت لنا المؤسسة الوطنية للتنمية صورا لأحد نشاطاتها وهو برنامج تدريب على كيفية فض النزاعات والتفاوض وهذا النشاط يمثل حلقة من عدة برامج تنموية تقيمها المؤسسة الناشطة في كربلاء، وقبل ذلك قامت مؤسسة انصار فاطمة الزهراء بنشاطات عديدة منها تزويج العزاب وتوزيع ملابس الاطفال لاكساء اكثر من 900 طفل يتيم. والى ذلك تقوم المؤسسة الخيرية نفسها وضمن برنامج "مواكبة التطور العلمي في العالم" بتسيير دورات تعلم الحاسوب المجانية للذكور والاناث ما ساعدت على تخريج 80 شخصا من كلا الجنسين ومنذ بداية الشهر الحالي ولحد الآن ضمن 13 دورة متواصلة ومستمرة للفترة الحالية والمقبلة.
وقد وصلنا وللتو تقريرا من المؤسسة المذكورة، نضعه بين ايديكم، وهو كما يلي:
من عدنان صاحب الصفار- كربلاء
"أما بخصوص التفاصيل حول نشاطات مؤسستنا وخاصة ما يتعلق بدورات الكومبيوتر، في الحقيقة لابد من الاشارة أولا إلى أن تعلم استخدام الحاسوب أصبح من الضروريات لمجتمع أنهكته الحروب المستمرة والحصار والعنف المستمر لذلك كان لزاماً علينا كمؤسسة إنسانية أولاً أن نعتني برعاية النشاطات الثقافية ومنها الاهتمام بتعلم فنون استخدام الحاسوب الذي دخل في كل مفصل من مفاصل حياتنا المعاصرة وأصبحنا بحاجة الى النظم المعلوماتية التي يحتاجها المجتمع اليوم، فتعلم الحاسوب يسهّل الاطلاع على الكتب المختلفة والتفاسير والعلوم كافة إضافة الى التعامل مع الانترنيت الذي يمثل أكبر ثورة معلوماتية لذلك ارتأت مؤسستنا أن تتبنى عملية نشر ثقافة الكومبيوتر من خلال فتح دورات لتعليم مادة الحاسوب لكلا الجنسين وكانت البداية من تاريخ 1/5/2007 وإنها مستمرة لحد الان. اذ تستغرق كل دورة اسبوعين، وذلك بواقع ساعة ونصف كل يوم. ولكثرة الاقبال على تعلم الحاسوب قلّصنا أيام الدورة وكثفنا الوقت بحيث أصبحت مدة الدورة أسبوعا واحدا بواقع ساعتان يومياً ولكلا الجنسين، ويمنح المتخرج من الدورة ( شهادة مشاركة ) من المؤسسة مع درجة الاختبار.
اما بالنسبة للمادة التي تُدَرس فهي تعليم دورة ويندوز الابتدائية وهذه طبعاً لها فائدتها الكبيرة في حيات المتدرب اليومية منها؛ اننا نشجعه على اقتناء أقراص التفاسير والمكتبة الفقهية اضافة الى الاقراص التعليمية للاطفال والتي تخص الصلاة والاناشيد الاسلامية.
وبالنسبة لتطوير تلك الدورات مستقبلاً طبعاً هذا من الطموح الذي تسعى المؤسسة الى تحقيقه لأن المؤسسة تطمح الى تعليم البرامج المتقدمة اضافة الى دورات في الانترنيت. أما بالنسبة للشرائح المستفيدة من الدورات فأغلبها من عموم المجتمع اضافة الى المهجرين من المحافظات الاخرى وغير مختصة بالفقراء والأيتام. وأما بالنسبة لدورات حاسوب النساء فنحن نهدف لتأهيلهن لغرض انشاء كوادر نسائية مثقفة ومتدربة لها ثقلها في المجتمع العراقي وبعون الله نتمنى أن تستمر هذه الدورات الى أبعد وقت. هذا وقد اسهم كادر إداري وتدريسي من المتطوعين كان لهم الفضل الكبير في تسيير هذه الدورات وهم: الاستاذ محمد عبد الرضا المطيري و السيد مهدي صالح مهدي الحسيني والاستاذ أحمد عبد الهادي الأسدي. أما بالنسبة لدورات النساء فشاركت في التدريس: الست ( سرى طالب كريم ) والست ( شيماء كاظم الرياحي).
عدنان صاحب الصفار
مدير العلاقات مؤسسة انصار فاطمة الزهراء- كربلاء المقدسة.
* * *
نظرا لأهمية الموضوع نرجو الاطلاع على ما يلي والعمل على نشره ما وسعكم ذلك:
متى كان مطلوبا من الحكومة رعاية الايتام والمعاقين وتربية الاطفال وهي المنشغلة بقضايا السياسة والامن والاقتصاد وألف قضية وقضية اخرى؟
متابعة لما اصبح يعرف اليوم بفضيحة او "قضية دار الحنان لشديدي العوق" قامت لجنة المراة والاسرة والطفولة في مجلس النواب وبرئاسة السيدة رئيسة اللجنة وإحدى أعضاء اللجنة قامت بزيارة دار الحنان وخلصت بعد مداولات ونقاشات حول ملابسات الموضوع الى أسباب عديدة كما قدمت مجموعة توصيات بهذا الشأن في بيان صحفي نشرته موسوعة النهرين بتاريخ 19/7/2007 ونشرناه نحن في موقع رابطة المبرات العراقية في نفس التاريخ. وكل ما نريد قوله والتأكيد عليه هو أنه كان يجدر باللجنة البرلمانية الموقرة أن تضع حلا جذريا للمشكلة وليس وضع حلول ترقيعية. وبنظرنا فإن الحل الجذري يكمن في تخلي الحكومة المنشغلة بقضايا السياسة والأمن والحروب واقتصاد المواطن وألف قضية وقضية اخرى، عن الانشغال بالامور الاجتماعية واحالتها الى الجمعيات الاهلية والى المجتمع الاهلي ليقوم هو بدوره وهو الاعرف والأكثر قدرة وكفاءة بتسيير قضاياه وشؤونه من اي مجموعة من الموظفين التابعين لأية وزارة ينخرها الفساد وتعمها البيروقراطية.
اذا كان مفهوما ما قام به النظام البائد من قمع لكل نشاط اجتماعي ومنع منعا باتا تأسيس الجمعيات الاهلية فما الذي يمنع حكوماتنا، في الوقت الحاضر، من تخويل الناس ودعمهم ومساندتهم لتأسيس كيانات أهلية وطنية يتعهدها المتطوعون والمحسنون منهم؟
ففي عرف الاستبداد أن الدولة يجب أن تكون شاملة وكلية وخارقة الأداء والقدرات، فهي تقوم بكل شيء نيابة عن المواطنين، فتبيع وتشتري وتتاجر وتعجن وتخبز، وتزرع الفجل والبصل والطماطة والبطاطة، وتجني محصول الشلب والبطيخ والرقي وكل انواع الفواكه والخضار وما خلق الله تعالى للناس والدواب، وتقوم بالرعاية الصحية، فتقدم العلاج وتبيع الأدوية وتتعهد بالخدمات الاجتماعية والبلدية، وتحتكر الفكر وطباعة الكتب وتتحكم بوسائل الإعلام المقروء والمكتوب والمسموع، وتصادر الرأي كما تصادرحق المواطنين في المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتنوب عنهم باتخاذ القرارات المصيرية وغير المصيرية، فتشن الحروب او تبني البيوت الطينية او الخوصية، لافرق، وتأمر الناس بالتصفيق لها والهرولة خلفها، واتباع أوامرها كما لو كان المواطنون حفنة من العبيد، او إن صح التعبير "شنقة" عجين تخبزه بيدها، أرغفة او صمونا او كعكا او بسكويتا أو حتى "كليجة" أو " سمسمية" أو أي شئ آخر.
هكذا كان الحال في زمن النظام البائد. وكان من الطبيعي أن يؤدي كل ذلك الى ورثنا لتركة ثقيلة اسمها "تعطل العقول الآدمية" وكانت من مظاهرها الاتكالية وانتظار الأوامر وعدم القدرة على الاجتهاد والمبادرة، خصوصا في دوائر الدولة ومرافقها العامة.
وكان من مظاهر ما ابتلينا به كشعب هو تعود الناس وللأسف الشديد، على الجلوس وانتظار أن تأتينا الدولة او الحكومة بكل ما نريد، كما عودتنا هي .. أن تزرع لنا وتحصد وتعجن وتخبز وتقرر وتبني دورا للايتام وترعى المعاقين والى آخر القائمة التي ذكرناها سلفا.
والدليل على ذلك.. هو عدم معرفتنا، ليس كلنا بالطبع، بشيء اسمه التطوع الفردي والجماعي والمبادرة الى تأسيس الجمعيات الاهلية "غير الحكومية" او الانضمام الى ما هو موجود منها والعمل على تفعيل دورها ومساندتها بالمال اوالكلمة الطيبة. ومن ثم لنترجم ذلك الفهم والادراك الى فعل وعمل جماعي يقوم بكل شيء ابتداء من تنظيف وتشجير الطرقات الواقعة امام بيوتنا ومرورا بتعبيد الأرصفة والشوارع، وتشييد الجسور وبناء المساكن، وليس انتهاء برعاية الأيتام والمرضى والمعاقين وتأسيس المراكز الصحية والخدمية الاخرى.
ولكن ما هو الحل؟
الجواب: لابد لنا أن نقوم بمعالجة الخلل الحاصل وتدارك الأخطاء المرتكبة وإعادة النظر في الكثير من السياسات والممارسات وتأمين التوازن بين واجبات الدولة وواجبات المواطن وحقوق الدولة وحقوق المواطن حتى ينفض الجميع عن أنفسهم غبار الكسل والتواكل ويتخلصوا من روح اللامبالاة واللامسؤولية، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فلابد أن تتخلص الأنظمة والدوائر الحكومية من عقدة السيطرة وتوابعها والهيمنة على المقدرات والخوف من التخلي عن أي جزء من صلاحياتها ومسؤولياتها، خصوصا في مجالات العمل الخيري مثل رعاية الايتام والمعاقين. ولهذا فلابد للحكومة ان تقوم بإحالة اوتحويل تلك المسؤوليات الى الجمعيات الاهلية التي تعتبر الاكثر اهلية وكفاءة من اي مؤسسة حكومية خاضعة للفساد والبيروقراطية وتسود افرادها اجواء اداء الواجب الوظيفي وحسب.
ان عدم القدرة وانعدام الأهلية للمؤسسات الحكومية والبيروقراطية وعقلية الموظف والمكلف بالواجب الوظيفي كلها أسباب تؤدي حتما الى نتائج وخيمة مثل ما أدت اليه مؤخرا "قضية دار الحنان لشديدي العوق" التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية