جريدة حوارات الالكترونية
أفادت المنظمات الإنسانية العاملة بالأردن بأن المؤسسات الحكومية التي تعنى بالصحة النفسية تفتقر إلى الخبرة اللازمة، مما يدفع اللاجئين العراقيين والمواطنين الأردنيين الذين يعانون من اضطرابات نفسية للاعتماد على المنظمات غير الحكومية العاملة تحت مظلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وعن ذلك قالت مروة الأنصاري من منظمة كير الإنسانية، بأن الأردن يفتقر للقدرة على معالجة الأعداد المتزايدة من اللاجئين الذين يعانون من أعراض نفسية.
ووفقاً لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين، يعيش حوالي 750,000 لاجئ عراقي في الأردن، وهم يشكلون أكثر من 10 بالمائة من مجموع سكان البلاد. وبإضافة هذا العدد إلى عدد اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في البلاد من قبل، يصبح الأردن أكثر بلدان العالم إيواءً للاجئين مقارنة بعدد سكانه.
وأضافت مروة قائلة: "كانت الحكومة الأردنية متعاونة جداً وبذلت الكثير من الجهود لاستيعاب التدفق الكبير للاجئين العراقيين إلى الأردن. ولكننا بحاجة إلى المزيد من الاستثمارات في مجال الصحة النفسية للتمكن من الاستجابة لاحتياجات اللاجئين".
ولا يوجد حالياً في الأردن سوى مستشفيين للأمراض النفسية أحدهما المستشفى العام الواقع في مدينة الفحيص التي تبعد بحوالي 18 كيلومتر غرب العاصمة عمان، وثانيهما مستشفى الرشيد للطب النفسي بعمان الذي يفرض رسوماً لا يستطيع اللاجئون العراقيون تحملها، وفقاً للمنظمات غير الحكومية.
وبالرغم من أن اللاجئين العراقيين في الأردن يستطيعون الحصول على العلاج الذي يحتاجون إليه في المستشفيات الحكومية، ولكن عند الحاجة لخدمات الصحة العقلية، يفضل العديد منهم اللجوء إلى الخدمات الاستشارية الاجتماعية النفسية التي توفرها منظمة كير والمنظمات غير الحكومية المحلية الشريكة لها.
وفي هذا الإطار، أخبر أحد استشاريي منظمة كير شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن "اللاجئين العراقيين الذين يحتاجون للرعاية النفسية بدؤوا يكسرون المحظور ويأتون إلينا".
التأقلم مع الصدمات
وترتبط معظم الاضطرابات النفسية التي يعاني منها اللاجئون العراقيون في الأردن، حسب الاستشاريين في كير، بالعنف بين الأزواج حيث قال أحدهم لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن "العديد من اللاجئين العراقيين في الأردن يعيشون في فقر مدقع، وهذا وضع قد يبعث الإحباط في نفس الزوج غير القادر على العثور على عمل ويجعله يعبر عن إحباطه هذا بضرب زوجته".
وتنتشر أيضاً الاضطرابات الناتجة عن التعرض لصدمات معينة، وهي تصيب الرجال والنساء والأطفال الذين تعرضوا للتعذيب أو شهدوا مقتل أحد أفراد أسرهم.
وكمثال على ذلك، حالة طفل يبلغ من العمر ستة أعوام، بدأ يعاني من اضطراب إثر مشاهدته مقتل أبيه عندما كان يركب معه في السيارة. ووفقاً لاستشاريي كير، يواصل الطفل برسم قبور تحمل وجه أبيه بالإضافة إلى سيارات حمر وسود اللون. وشرح أحد الاستشاريين بأن "سيارة أبيه كانت حمراء اللون في حين كانت سيارة القتلة سوداء. ولأن الطفل لم يحصل على الدعم النفسي الملائم مباشرة بعد الحادثة، فقد بدأ يتحدث مع مخلوقات وهمية".
العبء الزائد
وقال المسؤولون في كير أن وحدة الاستشارات النفسية بمركزهم قامت بمساعدة حوالي 7,000 لاجئ عراقي منذ بداية العام. ونتيجة لهذا الكم الكبير من المرضى وعدم قدرة استشاريي المنظمة على القيام بأكثر من ثلاث جلسات علاجية، فإن المركز يحيل المرضى إلى خبراء آخرين أكثر تخصصاً بالنسبة للحالات التي تحتاج إلى أدوية.
وفي هذا الصدد، صرحت الأنصاري بالقول: "نحن لسنا أخصائيين نفسيين، ولا نقدم حلولاً عميقة، ولكننا نستطيع الكشف عن المشكلة وتحويلها إلى الأخصائيين الأكثر خبرة".
وفي الحالات التي تستدعي استشارات نفسية متخصصة وأدوية، تقوم منظمات غير حكومية مثل منظمة كير أو شريكها المحلي، اتحاد المرأة الأردنية، بتحمل مصاريف العلاج والدواء.
غير أن الخبراء الطبيين بمفوضية الأمم المتحدة للاجئين يتفقون على أن العلاج السريري والأدوية وحدهما لا يحلان المشكلة، إذ تعاود الأعراض في الظهور بمجرد انتهاء فترة المعالجة.
وفي هذا الإطار، أخبر رياض العكور، وهو مسوول طبي بالمفوضية، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) بأن "الحاجة الأهم تتمثل في ضرورة توفير الاستشارة النفسية والاجتماعية. فالعلاج السلوكي يحقق أكثر بكثير مما يحققه الدواء لوحده. ويجب أن يتم استعمال الاثنين معاً في الحالات التي تستدعي ذلك... كما أن مضادات الاكتئاب باهظة الثمن ولا يستطيع اللاجئون تحمل تكلفتها".
ايرين