بغداد- اصوات العراق
كما في كل مرة انكبت (أنوار فاضل) على فراشها باكية بعد شجار مع زوجها كانت خاتمته " التقليدية " هي الضرب ،بينما غادر الزوج المنزل كعادته تاركا زوجته تعيش ماساتها المتكررة.
تزوجت أنوار منذ عام ونصف "كنت اتصور اني ساعيش سعيدة مع زوجي، لكنني صدمت بحياة يسودها عنف يكاد يتكرر يومياً" وأحيانا لأسباب لاتذكر .
بدأت المشكلة ، كما تقول أنوار، منذ الأسبوع الأول من الزواج " يصنع مشكلة ، أية مشكلة بهدف اهانتي ليس الا." وتختم أنوار حديثها وهيتبكي "إذا استمرت حياتي على هذا الشكل ستكون مثل الجحيم."
انوار ليست هي المراة العراقية الوحيدة التي تعيش في " جحيم العنف "، فهناك الاف النساء يتعرضن يوميا للضرب داخل البيت ، كما يتعرضن للعنف في الشارع والسوق .
ويذكر رجل الدين الحاج جبار الساعدي ( 62 عاما) من أهالي مدينة الصدرر ببغداد بان "البعض من النساء يتعرضن يوميا للاهانة رغم أنهن يعملن أكثر من الرجل، ورغم أن معظم النساء في هذه المنطقة - يقصد مدينة الصدر- غير متعلمات ، لكنهن بارعات في ادارة شؤون المنزل ومخلصات لازواجهن." ويحيل الساعدي عنف الرجل ضد المرأة الى لبطالة " وجود الرجل في المنزل دون عمل يسبب خلافات عائلية قد تنتهي بالعنف واستخدام القوة ضد المرأة."
وتقدم أم جعفر ( ربة بيت من مدينة الصدر ،45 عاما ) مثلا من حياتها " زوجي شبه عاطل عن العمل يقوم باعمال بسيطة، ويقضي معظم وقته في المنزل (... ) ومع ذلك يريد كل الاشياء جاهزة ، واذا ما تعذر ذلك فلا سبيل للخلاص من المشاكل."
وأردفت وهي تتحسر "كادت هذه الحالة أن تخرب بيتنا ، لكنني تحملت الاهانة وتعرضت للضرب من اجل مستقبل اطفالنا."
مقابل ذلك تعتقد ميسون على (35 عاما) تعمل موظفة حكومية ان "بامكان المرأة أن تتجنب العنف الاسري وأن تجعل حياتها الزوجية سعيدة أو عكس ذلك متى ما ارادت."
وبينت ميسون "في بعض المرات يكون الزوج محبطا لسبب أو لاخر ، ويعكس هذا الاحباط داخل المنزل وعلى العائلة متى ما شعر بعدم الاهتمام به من قبل الزوجة."
وأشارت الى أن المرأة الذكية والناجحة "يمكن أن تختزل متاعب زوجها بالمشاركة."
امين عام منظمة المرأة سناء الصباغ ترى أن ظاهرة العنف ضد المراة "اخذت بالتزايد منذ سقوط النظام لاسباب مختلفة" وبسبب انتشارها فتحت المنظمة مركزا لـ" تأهيل المعنفات "لمعالجة الاثار النفسية التي تتعرض لها المرأة جراء العنف بمختلف أشكاله من خلال باحثين ومختصين بالطب النفسي .
وبينت الصباغ بأن أغلب الحالات التي يستقبلها هذا المركز ،ومقره في بغداد " هي حالات عنف نفسي حيث يستخدم الازواج العبارات النابية والشتائم المستمرة ضد زوجاتهم ."
وعللت الباحثة الاجتماعية في مركز (عراقيات) للدراسات أسماء إسماعيل ازدياد ظاهرة العنف ضد النساء في العراق وأحالتها الى ارتفاع وتيرة العنف بصورة عامة،وضعف الجهاز الامني ،وازدياد الضغوط النفسية والاقتصادية على الرجل و"بروز المؤسستين الدينية والعشائرية"و"القيم الذكورية" الموجهة ضد المرأة .
وقالت اسماء اسماعيل إن "ازدياد ظاهرة العنف ضد المرأة في المنزل ناتج عما يتعرض له الرجل من ضغوط نفسية واقتصادية ."
وبينت بان نسبة النساء ممن قتلن من جراء عمليات التفجير الارهابية في الاسواق "اكبر من نسبة الرجال لكون المرأة هي المرتاد الاول للاسواق لانها تهتم بشؤون المنزل."
اما العنف الاخر الذي تتعرض له المرأة،بحسب رأي الباحثة الاجتماعية اسماء، فهو "الاختطاف او القتل "
وتركز أسماء اسماعيل على " القتل لما يسمى بغسل العار والذي يرتكب من قبل الاهل ضد الضحية (المرأة) حيث تقتل المرأة بذريعة غسل العار."
وفي هذا الصدد ترى أسماء ان "التشريعات السارية لم تخدم المرأة لكونها تتساهل مع الجاني في جريمة غسل العار."
وبينت بأن هناك نوع آخر من العنف تتعرض له المرأة " ياتي من قبل الجماعات المسلحة التي تقف ضد أبسط حريات المرأة."
رئيسة لجنة المرأة والطفل في البرلمان اسماء الموسوي عللت ما تتعرض له المرأة من عنف خارج المنزل بأنه " نتيجة للعنف العام الذي يمر به العراق ."
وأضافت "نحن ضد كل انواع العنف التي تتعرض له المرأة والدستور العراقي تضمن بنود تمنع العنف بكل اشكاله ضد المرأة " وترى الموسوي بان العنف الذي تتعرض له المرأة العراقية " سيزول حتماً مع الفهم الحقيقي للديمقراطية وتعزيز ثقافة المجتمع بانماط ثقافية متحضرة ".
من جهته قال الاخصائي النفسي خلدون كريم إن ازدياد ظاهرة العنف ضد المرأة اصبح امراً "مقلقا سواء على مستوى العالم ، ام على مستوى الوطن العربي ، لذلك اصبح من الاهمية بمكان تناول ظاهرة العنف ضد المرأة باعتباره احد ملامح العنف الذي يؤثر بشكل كبير على استقرار المجتمع وتكوينه."
وأحال ظاهرة العنف إلى "لبطالة التي تنعكس آثارها داخل الاسرة."
واقترح تكوين مؤسسات تهتم بشؤون الاسرة وتوفر اماكن للنساء المعنفات يديرها اختصاصيون نفسيون واجتماعيون وقانونيون يوضحون الحقوق القانونية للمعنفات ويدافعون عنهن ، وتكون لهذه المؤسسات فروع مكاتب للارشاد والتوجيه في مجال الاسرة وتعمل على نشر الوعي بين الاهالي لاهمية استقرار الاسرة".
لكل العاطلين عن العمل: الملياردير السعودي سليمان الراجحي بدأ طباخا وحمالا وبائع كيروسين بثوب وحيد