دبي - نادية سلطان موقع الخليج
اختتمت الشهر الفائت فعاليات مؤتمر العمل الخيري الخليجي الثالث الذي تنظمه دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي تحت رعاية سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية والصناعة بعرض عشرة نماذج من تجارب الجمعيات والمؤسسات الإنسانية الخليجية في الداخل والخارج.
باحث عراقي: جهود الجمعيات الخيرية الإماراتية مسحت دمعة الأيتام
من هذه النماذج تجربة جمعية دار البر وتجربة مبرة الآل والأصحاب وشرطة دبي ومؤسسة الهلال الأحمر الإماراتي وتجربة تلفزيون الشارقة من خلال برنامج "ألم وأمل"، ودور اللجنة الوطنية الكويتية لرعاية السجناء والمفرج عنهم، ودور مؤسسة الشيخ عيد آل ثاني القطرية في العراق، والعمل الخيري في آسيا الوسطى ودور الجمعيات الإسلامية في تفعيل العمل الإنساني في غانا.
وأشاد الباحث العراقي أحمد قاسم كسار الجنابي بدور الإمارات ودعمها للعراق والعراقيين، وحملاتهم الخيرية التي رفعت شعار: "أهلنا في العراق" و"معاً لمساندة شعب العراق" وإحداث مشروع التبرع الإلكتروني بالتعاون مع حكومة دبي الإلكترونية على صفحات الإنترنت ووسائل الاتصال الأخرى.
وقال إن جهود الجمعيات الخيرية والإنسانية بعد فضل الله تعالى مسحت دمعة من دمعات الأيتام، وسترت عورة من عورات بيوت المسلمين، وبذرت خيراً في أرض العراق، مؤكدا أن هذا المؤتمر العلمي يعتبر ريادة ونماء للعمل الخيري وللعمل الإسلامي، وخطوة نحو مستقبل مشرق بإذن الله للأمة الإسلامية، بما وصلنا إليه الآن من خبرة تراكمية في العمل للإسلام وأهله.
وعن دور الجمعيات الخليجية في تفعيل العمل الخيري الإنساني والدعوي الإسلامي بدولة غانا قال عبد الله الحسن اسحق إن دولة غانا من الدول الإفريقية التي تعاني من تدهور المستوى الدراسي والثقافي، إضافة إلى كثافة نسبة الأمية وخاصة في أوساط المسلمين نتيجة لعدم توفر المدارس، حيث إن الكثير من التلاميذ بدءا من الروضة إلى نهاية الإعدادي يدرسون في معظم الأحوال في العراء أو في أبنية خشبية مغطى في الأعلى بأوراق الشجر بمثابة السقف.
وقال إن المدن نفسها بها الكثير من المدارس الإسلامية التي يدرس التلاميذ فيها في العراء أو في أبنية ضعيفة أو تحت الشجر، ونظرا للعجز المادي وعدم وجود الميزانية لها وانعدام الموارد المادية للمدرسة، كان لها أثر سلبي في مستوى التعليم ونسبة المتعلمين في المجتمع الإسلامي بالدولة.
وأضاف أنه بفضل التعاون مع الجمعيات الخيرية الخليجية فقد تم إنشاء العديد من المدارس الإسلامية كما تم تشييد المساجد في جميع أنحاء الدولة بل في القرى القريبة والنائية إضافة إلى آلاف الآبار بجميع أنواعها، وكفالة مئات دعاة إلى الهدى دعاة إلى دين الإسلام الذي ارتضاه الله للبشرية.
وتناولت د. رقية طه العلواني رئيسة مؤسسة سرى للفكر والإبداع في دراستها الميدانية دور مشروع تدبر القرآن الكريم في العمل الخيري النسائي في مملكة البحرين وصاحبة المشروع فأشارت إلى أهمية المشروع الذاتية وأثره الفعلي في تنمية الفرد والمجتمع وإسهامه في النهوض بالأمة، إضافة إلى أهمية توسيع مجالات الأعمال الخيرية والتطوعية التي قد يظن البعض أنها محصورة في مجالات الإعانات المادية فحسب.
وأبرزت الباحثة الصعوبات التي واجهها المشروع والمتعلقة بالتمويل والإعلام والتنظيم والتنسيق، وتقديم خطوات عملية لتفعيل هذا المشروع وتحسين الأداء فيه وفي غيره من مشاريع تقدمها الجمعيات الخيرية بشكل عام والنسائية بشكل خاص.
وتحدث الدكتور أحمد إبراهيم ملاوي أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة مؤتة بالأردن عن دور مؤسسات المجتمع المدني في التنمية الشاملة مؤكدا أن هناك تحولا طرأ على دور قطاع المجتمع المدني من مجرد الإحسان المباشر إلى إحداث التنمية في المجتمع.
وقال إن المسؤولية تقع على طرفين هما: الحكومة والتي عليها تحديث قوانينها وتشريعاتها بما يحفز هذا القطاع للقيام بدوره بشكل أفضل، والطرف الآخر هو قطاع المجتمع المدني نفسه الذي عليه البحث جديا عن مصادر تمويل دائمة.
وأوضح الباحث تركي بن محمد اليحيى في بحثه عن تمويل إنشاء الأوقاف الاستثمارية عن طريق القرض الحسن أنه يهدف إلى إيجاد فكرة إبداعية قابلة للتطبيق من قِبَل الأفراد أو الهيئات الحكومية أو غير الحكومية من أجل أن تتمكن الجهات الخيرية من خلالها أن تحصل على التمويل اللازم لإنشاء الأوقاف الاستثمارية التي تستطيع أن تغطي إيراداتُها كل أو بعض الأنشطة الخيرية، وذلك من خلال أسلوب جديد يختلف عن أسلوب جمع التبرعات، ولا يتعارض معه.
وقال إن الفكرة تقوم على أسلوب تمويل إنشاء الأوقاف الاستثمارية من خلال "قرض حسن" يُقدم إلى الجهة الخيرية المستفيدة، بحيث تتمكن هذه الجهة الخيرية من إنشاء الوقف الاستثماري ثم تسديد قيمة القرض من رَيْع الوقف خلال مدة زمنية محددة.
وأضاف أن هذه الطريقة تم تجريبها في إحدى الجهات الخيرية، فاستطاعت تمويل مشروع استثماري لها كانت قد عجزت عن جمع التبرعات اللازمة له في فترة سابقة.
وأشار الدكتور أبوالوفا محمد أبو الوفا أستاذ القانون الجنائي بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر إلى دور العمل الخيري في رعاية المسجونين والمفرج عنهم، موضحا أن اتجاهات بدائل السجن وإصلاح عيوبه، لم تنل اهتماماً كافياً بمساعدة أسر المسجونين المعوزين، كما أغفلت أهمية الجهود الجماعية البارزة
للمؤسسات والهيئات والجمعيات في تقديم المساعدة لأسر المسجونين المعوزين، رغم أن هذا يُعد حقاً من حقوق الإنسان.
وقال إن الأحوال الأسرية للمسجونين، لم تلق الاهتمام الكافي من قِبل علماء الاجتماع، رغم وقوع أغلب هذه الأسر من واقع البحوث والدراسات من داخل السجون تحت ضغط الحرمان والحاجة وعدم كفاية المساعدات الحكومية في توفير الكفاية والمعيشة الكريمة لها.
داعيا إلى إضفاء الطابع المؤسسي على العمل الخيري لمساعدة أسر المسجونين، حيث يضمن له الاستمرارية، ويحقق أهدافه كما ينبغي، وإن تغير الأشخاص، لأن المؤسسات تبقى ما بقي المجتمع.
وقال إن إضفاء الطابع المؤسسي على العمل الخيري، في شكل جمعية أو مؤسسة يجعل الدولة تتحقق من اتفاق نشاط الجمعية مع القانون وعدم مخالفته له، ويحقق حماية لأموال الجمعية، وحصولها على بعض الإعانات من الدولة، ويلزم أن يقتصر نشاط جمعية مساعدة أسر المسجونين على هذا النشاط الاجتماعي، دون أن يمتد إلى التدخل في عمل السجون، وإلا تكون قد خرجت عن نشاطها الأساسي الذي أنشئت من أجله، وأن تقدم المساعدة لأسر جميع المسجونين المعوزين، دون تمييز بينهم بسبب اتجاهاتهم السياسية، أو نوعية الجريمة المرتكبة، حيث يبعد ذلك الجمعية عن نشاطها الاجتماعي الخيري.
وأشار إلى تجربة رائدة في هذا المجال في مصر، وهي الجمعية المصرية لرعاية المسجونين وأسرهم، والتي أنشئت في عام 1954م، ولها فروع في محافظات مصر، وقال إنها تقدم المساعدات المادية والمعنوية لهذه الأسر، وإن كانت ضئيلة، بسبب قلة الموارد المالية، وضعف الإيمان لدى الأفراد بأهمية الدور الذي تقوم به لرعاية هذه الأسر.
ودعا مؤسسات الدولة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، للقيام بواجبها نحو توفير المعيشة الكريمة لهذه الأسر، وأن تشكل جمعيات خيرية تحقيقاً لهذا الغرض، وأن توفر لها الموارد المالية التي يمكنها معها أن تحقق الغرض المنشود منها، على أن تعمل هذه الجمعيات بالتنسيق مع مصلحة السجون، حتى يمكنها الحصول منها على بيانات المسجونين وأحوالهم الأسرية وظروفهم المعيشية، ومقدار ما يحصلون عليه من معاشات الضمان الاجتماعي، وغير ذلك من المعونات الحكومية، على أن تقوم هذه الجمعيات بإعطاء هذه الأسر من الأموال ما يغطي نفقاتها، والتي تعجز هذه المعونات عن تغطيتها تحقيقاً للتكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الإسلامي.
وقدم الدكتور السيد سعد الخميسي أستاذ مساعد الإعاقة الذهنية والتوحد بكلية الدراسات العليا في جامعة الخليج العربي بالبحرين مقترحا لتفعيل دور ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل الخيري، مشيرا إلى أنه على الرغم من التطور الملموس الذي شهده ميدان ذوي الاحتياجات الخاصة في الفترة الأخيرة، إلا أنه مازال النظر إلى الفرد من ذوي الاحتياجات الخاصة على أنه شخص يستحق العطف والشفقة، حتى أن جميع الهيئات والمؤسسات الخيرية والحكومية تدعو لمساندة ودعم مثل هذه الفئة وتقديم يد العون والمساعدة لهم.
وقال إن هذه الهيئات والمؤسسات تنطلق من أن تلك الفئة عاجزة عن القيام بالكثير من الأمور، أي أن نظرتها تكون فقط نحو أوجه القصور التي يعاني منها هؤلاء الأفراد.
وأكد أن بحثه يحاول أن ينظر إلى هؤلاء الأفراد من منظور إيجابي إذ يقترح أن يكون الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة هم أنفسهم الذين يقومون بالعمل الخيري تجاه أقرانهم المعاقين، وذلك في حدود ما تسمح لهم قدراتهم وخصائص كل منهم، على اعتبار أن إفساح المجال لهؤلاء الأشخاص للقيام بعمل خيري هو في حد ذاته أحد أنواع العمل الخيري الذي يمكن أن نقدمه لهم، وقال إن في ذلك أثراً عظيماً في نفوسهم وفي إحساسهم بأنهم أشخاص فاعلون في مجتمعاتهم.
أهم توصيات المؤتمر: بنك خيري وقناة فضائية
رفع المشاركون في مؤتمر العمل الخيري الخليجي الثالث عظيم الامتنان وصادق التقدير إلى مقام صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وإلى نائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، رئيس مجلس الوزراء، وإلى سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، وزير المالية والصناعة، راعي المؤتمر، حفظهم الله تعالى، وإلى دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري على استضافتهم موتمر العمل الخيري الخليجي الثالث، وعلى إسهاماتهم وتوفيرهم كافة التسهيلات لنجاح المؤتمر.
وأصدر المشاركون في ختام اعمالهم بيان المؤتمر الذي تضمن عدداً من التوصيات أهمها:
أولاً: التخطيط والتعاون الاستراتيجي المطالبة بترجمة توجهات المؤسسات الخيرية، الحكومية والأهلية الخليجية للعمل الخيري على أرض الواقع، وتقويم أدائها والنتائج المحققة في ضوء المستجدات الدولية.
والاستمرار في تنظيم لقاءات دورية للجمعيات والهيئات والمؤسسات الخيرية على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي لتقويم التقدم المنجز في تنفيذ سياسة عمل الخير، والاستفادة من الجودة الشاملة والتخطيط الاستراتيجي لتفعيل دور المؤسسات والجمعيات الخيرية.
ثانياً: تفعيل التعاون والتنسيق: تطوير طرق وأساليب جديدة في العمل الخيري تقودنا نحو التغيير الناجح، وإنشاء منظومة معلوماتية خيرية على المستوى الإقليمي (بنك معلومات خيري) يهدف إلى جمع وحفظ وتوثيق المعلومات الخيرية المتعلقة بالعمل بالخيري والإغاثي بحيث يتم ربطها بمختلف أجهزة الجمعياتالخيرية الخليجية والعربية.
وتبادل المعلومات خاصة فيما يتعلق بالكوارث ومناطق المجاعات والجمعيات الخيرية العاملة في المجال نفسه، والخبرات المكتسبة والتجارب المتميزة، والاحصاءات المرتبطة بأنواع المحتاجين، والدول المحتاجة، والمشاريع الأكثر إلحاحاً في مناطق معينة. وتبادل المعلومات عن المشاريع المشتركة في المنطقة نفسها. وتأمين قنوات اتصال مباشرة بين الجهات ذات العلاقة لتبادل المعلومات الخاصة بالعمل الخيري وتنميته، والدعوة إلى تبادل الزيارات بين الجمعيات الخيرية للاستفادة من الخبرات المكتسبة والبرامج والخطط المتطورة، وإقامة دورات تدريبية بشكل متواصل بين الجمعيات والاستعانة بخبراء دوليين للمساعدة في وضع البرامج التدريبية.
وفي مجال الموارد البشرية طالب المشاركون بتفعيل التعاون الخليجي في مجال تنمية الموارد البشرية لرفع كفاءة وأداء الجمعيات الخيرية عن طريق إيجاد منهج موحد للتدريب وتأهيل الكوادر في العمل التطوعي والخيري.
والاستفادة من خبرات الهيئات الدولية في الأعمال الإغاثية والخيرية.
وطالب المشاركون بالعمل على تفعيل دور المؤسسة الإعلامية وتوحيد الرسالة الإعلامية في مجال العمل الخيري على المستويين المحلي والخليجي عن طريق تنفيذ حملات إعلامية هادفة. وإطلاق قناة فضائية خليجية تعنى بالعمل الخيري.
وقدم المشاركون دعوة للمجتمع الدولي لتفعيل الجهود الاغاثية والإنسانية في مجال دعم الشعوب العربية والإسلامية في محنها وتذليل كافة العقبات التي تقف دون إيصال المساعدات الانسانية إليها في الظروف المأساوية الصعبة التي تمر بها بعض الدول الإسلامية.تكليف اللجنة التحضيرية للمؤتمر بعضوية هيئة الأعمال الخيرية (دبي) - لجنة الأعمال الخيرية - الندوة العالمية للشباب الإسلامي (السعودية) - مؤسسة الوقف الإسلامي (الكويت) - المنتدى الإسلامي، مؤسسة الشيخ عيد الخيرية (قطر) - مبرة الأعمال الخيرية (الكويت) - الهيئة الإسلامية العالمية، بمتابعة وتنفيذ التوصيات الصادرة من المؤتمر الحالي وعرض ما تم انجازه من توصيات صادرة في المؤتمر المقبل.
التوصية بإنشاء جهة تعنى بالعمل الخيري الخليجي تضم الجمعيات الخليجية الراغبة في الانضمام ضمن ضوابط إدارية تحدد لاحقاً.
نقلا عن موقع الخليج