بغداد - كريم هاشم العبودي- الصباح
ولد وليد مجيد من دون ذراعين لكنه لم يقض عمره يندب حظه.. أو ينتظر مساعدة الآخرين.. بل قرر ان يتحدى اعاقته منذ نعومة اظافره.. وان يحول قدميه الى بديل لذراعيه ويجعل منهما قوة يستطيع ان يفعل بهما مالا يفعله اصحاب الايدي السليمة.. وفعلاً حقق ما يصبو اليه من خلال قدميه.
إصرار
يقول وليد عن رحلة كفاحه وصبره بان وقوف عائلتي معي في توفير كل ما اريد، فقد علموني منذ الصغر كيف اتناول الطعام وكيف اتفوق في دراستي.
ويضيف وليد الذي يعمل مدرباً ومحاضراً في معهد الهدى للصم والبكم والمصابين بالعوق الفيزياوي.. لقد تعلمت الحاسوب بقدمي.
دهشوا لما تصنع قدماي
من هواياته الاخرى الرسم والخط، فقد تمكن بعد سنوات طويلة من الجهد والتدريب من رسم لوحات جميلة استطاع من خلالها الحصول على ثناء الجميع.
وعن المعاناة التي واجهته اثناء تعلمه الرسم، يقول كنت منذ صغري مولعاً بالرسم. وهذا الحب الشديد جعلني اجرب مرة تلو الاخرى من دون ان يتسرب اليأس الى قلبي.
ويضيف بعد عدة محاولات فاشلة استطعت تثبيت الريشة في قدمي ورسمت العديد من اللوحات.. ولقد اثنى علي جميع معارفي وابدوا دهشتهم لما تصنع قدماي..
ليس ذنبنا
وعن المضايقات التي تواجه وليد.. قال بانها ليست مضايقة توجه لي فحسب.. بل لاغلب الذين يعانون من عاهة او عوق ليس لهم ذنب فيها.. فبعض المعوقين يتألمون حينما يسمعهم بعض الناس كلاماً جارحاً متجاهلين ان هذا قدرهم الذي كتبه الله عليهم.. ولم يكن ذنبهم انهم جاؤوا الى الدنيا معوقين.. ولاننسى ان اغلب هؤلاء اعاقتهم الحروب والاعمال الارهابية.
ارحمونا.. يرحمكم الله
وتوجه وليد نيابة عن زملائه بكلمة لبعض هؤلاء الذين ينتقصون من المعاق قال فيها: لماذا تنظرون الى المعاق نظرة لاترحم؟ ولماذا عندما يفقد المرء عضواً يعتقد البعض ان ذلك نقصاناً بالعقل والقدرة والارادة.. ثم لماذا يجعل المظهر الجسدي دليلاً ومؤشرا لقبول الشخص؟ ولماذا نخاطب اجساداً ولانخاطب العقل؟ أليست الارادة تسكن العقل والقلب.. ثم أليس هناك اناس اسوياء جسدياً.. ولكنهم يملكون عقولاً وارادة اقل مما يملك المعوقون جسدياً.. فارحمونا يرحمكم الله!! فنحن رغم عوقنا نشعر بأن الامل موجود طالما هناك رغبة لدينا بالتغيير.. وما دام هناك شعور بالرضا وثقة بالنفس.. واهم شيء كلمة (الحمد لله في كل شيء.. فانها تغنينا عن كل شيء).
ايمان
واضاف بان القدر يفرض على الانسان مواقف تجعله على المحك.. فاما ان يتقبل الواقع كما هو ويتعايش معه او يرفضه بشدة وهذا يعتمد على شخصية الانسان وطبيعة تعامل الاخرين معه وخاصة المقربين منه.. فانا والحمد لله قد تقبلت الواقع بنفس راضية لاني مؤمن ان فقد الانسان شيئا عوضه الله اشياء اخرى.. ربما كثير من الاصحاء لايتمتعون بها.
وعن تجربة وليد الشخصية الطويلة مع فقدان اعز ما يملك الانسان الا وهما يداه.. قال باني اتمنى ان يستفيد من تجربتي كل الشباب الذين عوقتهم الحروب والاعمال الارهابية.
ويتابع بان تجربة هؤلاء تتلخص في معاناة طويلة مع الالام والحمد لله فهم يأملون بأن نظرتهم للمستقبل ان تكون افضل مما كانت عليه سابقاً.. وصبرهم على التحمل.. وايمانهم بالله وتمسكهم بالامل.. ستجد لها اذناً صاغية لدى القائمين على ادارة شؤون البلاد.
وفي ختام حديثه ناشد وليد المسؤولين ان يهتموا بالمعاقين اكبر.. واكثر مهما كان ظرفه.
وصية
واستدرك، اوجه كلامي الى المعاقين ان يتحلوا بالصبر وان يقهروا الاعاقة بالتحدي.. وان يتذكروا هذا المثل المعبر: بالصبر والكفاح حاول دائما ان تؤسس لنفسك ذلك الموجود الفريد الذي هيهات ان يقوم بديل عنه.
مجد ومثابر
كيف يمارس وليد عمله في دائرته.. وما رأي المسؤولين في المعهد به تقول مديرة المعهد بان وليد مجد ومثابر وحريص على عمله ويمتاز بروح مرحه رغم ألمه وعذابه.. الا انه ماكنه لاتهدأ فتراه يأتي الى الدائرة بوقت مبكر. ويبدأ عمله.. ولا أتذكر بانه قد جرح او مس اي زميل له بكلمة.
اما زميله احمد حسن فقال: انه ذو صبر ومؤمن بربه ويحب عمل الخير.. ورغم اعاقته فانه يمارس حياته بصورة طبيعية بل ويقوم باعمال يعجز الاسوياء عن القيام بها.
وزارة العمل والصحة
وتلقى وليد عرضا المانيا لعلاجه في احد المستشفيات هناك عندما شارك بدورة لصيانة الحاسوب، قال وليد: ان الجهات الالمانية ابدت تعاطفها معي واستعدادها لاجراء عملية زرع سواعد صناعية كهربائية وابلغت بان كلفة العملية تبلغ حوالي خمسين مليون دينار يتحمل الجانب الالماني نصفها ويضيف وليد بالم انه عرض على وزارتي العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة بتحمل النصف الثاني من مبلغ اجراء العملية، الا انهما رفضتا بحجة عدم وجود مبالغ مخصصة لهذه العلميات.
ويأمل وليد ان تتراجع الوزارتان عن موقفهما وتقومان بمساعدتي اذ مازال العرض الالماني قائماً حتى الآن.