يكاد يقتطع معظم العراقيين القاطنين في دول المهجر، سواء من المقيمين او اللاجئين الجدد، جزءا من أموالهم ومعاشاتهم لمساعدة ذويهم وأقربائهم، ويندر جدا أن ترى عراقيا لا يكترث بأهله واقربائه وحتى بجيرانه واصدقائه ومن يعرفهم او لا يعرفهم خصوصا اذا ما كانوا أيتاما او مرضى او نازحين فقراء. فالانسان العراقي عموما يحمل هموم شعبه ويبذل تعاطفا كبيرا مع معاناة الناس وآلامهم خصوصا في ظروف الحرب القاسية هذه. واعرف اشخاصا، من فقراء العراقيين في الخارج، لا يضعون لقمة في فمهم الا وفكروا بتقديم اخرى للمحتاجين من الايتام والفقراء في بلدهم الذي لا يغيب عن بالهم ليل نهار.
لكن ما يعاني منه العراقيون في الخارج او بالاحرى ما لا يعرفونه ولا يدركون ربما ضرورته وأهميته هو الانتقال من مرحلة تقديم المساعدة الشخصية والفردية، الى مرحلة تقديم المساعدة الواسعة والجماعية والتحرك على صعيد تأسيس وانشاء الجمعيات الخيرية في بلدان المهجر.
ففي المهجر توجد فرص كبيرة للتحرك ليس لجمع المال والتبرعات فقط وانما لدفع الجمعيات والمؤسسات الانسانية من اجل التحرك وتقديم المساعدة للعراقيين. وكما نعلم فإن دول العالم، وخصوصا الدول المتقدمة، تضم عشرات الوف الجمعيات الخيرية التي تعنى بتقديم العون والمساعدة وتنمية البلدان الفقيرة والشعوب المتضررة بالحروب والنزاعات. جمعيات ومؤسسات لا حصر لها ولا عد. كثير منها يعنى بمساعدة اللاجئين ورعايتهم وبعضها يعنى بالمعاقين والمرضى واغاثة ضحايا الحروب ومعالجتهم، وبعضها يعنى بتنمية العوائل الفقيرة وتعليم الاطفال وتدريب الشباب، وهكذا في كل حقل من الحقول التي تبدأ اسماؤها ولا تنتهي عند حد.
جمعية عراقية تجري اتفاقا مع مؤسسة اماراتية لمعالجة العراقيين
مئات الجامعيين العراقيين في بريطانيا يقومون بحملة إغاثة للشعب العراقي في محطات القطار في لندن
نظم اتحاد سيما(sima) للطلبة الجامعيين العراقيين في بريطانيا حملة إغاثة للشعب العراقي بجمع تبرعات من المسافرين في محطات قطار (مترو) الانقاق بلندن الذي يبلغ حركة روادها ما يقارب 6 ملايين مسافر خلال عطل نهاية الاسبوع.
اشترك في حملة التبرعات المئات من الطلبة الجامعيين العراقيين في مختلف الكليات بالجامعات البريطانية، حيث شارك فيها طلبة الكليات الطبية والعلوم الإنسانية والاختصاصات العلمية الأخرى .
اجتمع المشاركون في بداية الحملة في مؤسسة الإبرار التي تقع في مركز لندن، حيث قامت لجان متخصصة من شباب المنظمة بتوزيع صناديق التبرعات على المتطوعين الطلبة وحددت لهم إمكان محطات الإنفاق التي يتم من خلالها جمع التبرعات للشعب العراقي.
استمرت حملة الإغاثة من الساعة العاشرة صباحا من يوم السبت 10 فبراير 2008 وحتى الساعة 5 مساء، حيت توزع الطلبة الجامعيون العراقيون على فترتين زمنيتين مختلفتين ،الاولى صباحية والاخرى مسائية، ولوحظ إثناء عملية التبرع تفاعل ايجابي من قبل مختلف المسافرين في محطات مترو إنفاق لندن.
صرح الدكتور زين العابدين اسكافي الذي يرأس اتحاد( SIMA) للطلبة الأطباء العراقيين في الجامعات البريطانية ، ان الإتحاد قد قام ومنذ أربع سنوات بعدة حملات إغاثة و أنهم قد تمكنوا من القيام بمشاريع طبية في مختلف مدن العراق، وتابع الاسكافي انه وبالتنسيق مع مؤسسات بريطانية ودولية استطاع الاتحاد من توفير خدمات طبية للشعب العراقي، والمنظمة تمتلك حاليا فروع لها نشطة في شمال العراق وتدرس حاليا فتح فروع بمدن عراقية أخرى.
واعتبر الدكتور الاسكافي ان نجاح المنظمة هو بشعارها الإنساني وانفتاحها على مختلف شرائح المجتمع العراقي، فالمنظمة يشترك فيها مختلف القوميات والأديان والطوائف في الشعب العراقي وتقدم خدماتها إلى جميع العراقيين دون النظر إلى عقائدهم وأجناسهم.
وقد نجحت الحملة الطلابية لإغاثة أيتام العراق بجمع ما قيمته أكثر من 28000 دولار أمريكي ( 14500 باوند) .
وقد صرح زين السكافي و هو أحد قادة الحملة الخيرية بأن الحملة قد لاقت نجاحا كبيرا و أن المبلغ الذي تم تحصيله سيكفي لتغطية المصاريف للسنة المقبلة ل90 يتيما يعيشون في كنف أقاربهم في مدن عراقية مختلفة. و قال (المبلغ يشمل إحتياجاتهم التعليمية و الصحية و الغذائية) ، و أن (الإتحاد العالمي للخوجة) و هي إحدى المؤسسات المنظمة لحملة التبرعات ستقوم بإيصال الأموال لمستحقيها من خلال شبكة من المندوبين داخل العراق و أن هذه الجهود لا زالت مستمرة للعام الرابع على التوالي.
اما على الصعيد الصحي فقال المؤمن ان وزارة الصحة الكويتية ستقوم بالتعاون مع الفريق الصحي التابع للمركز برعاية برنامج تدريب ممرضات عراقيات حيث سيتولى قسم التمريض بوزارة الصحة تدريب 30 ممرضة لكل فترة تدريبية والتي تستمر ثلاثة اسابيع .
وبين ان العدد الاجمالي للممرضات العراقيات المتدربات في الكويت سيصل الى 600 ممرضة حيث سيتم تدريبهم عمليا في عدة مجالات في مستشفيات الكويت المتخصصة .
منظمات دولية تسعى لمعالجة العراقيين المصابين في الخارج
كل تلك المعلومات تؤكد على وجود فرص كبيرة ينبغي طرق ابوابها سواء من مؤسسات عربية او دولية، اذ بدأت نقابة الاطباء في محافظة بابل بتسجيل مرضى الكسور والحروق وجراحة الوجه والقلب تمهيدا لمعالجتهم في خارج العراق بالتعاون مع منظمات دولية، فيما اعلنت منظمة الصليب الاحمر عن نيتها اسئناف نشاطاتها الانسانية والطبية في منطقتي الوسط والجنوب قريبا. وقال الدكتور اسامة عبد الحسين نقيب اطباء بابل وكالة ورئيس اللجنة الصحية في مجلس المحافظة لـ(الصباح) ان النقابة باشرت باستقبال وتسجيل المرضى الذين يعانون من حالات اصابة بالكسور والحروق وجراحة الوجه والفكين على مدار الاسبوع عدا يومي الخميس والجمعة تمهيدا لمعالجتهم خارج العراق بالتعاون مع المنظمات الانسانية المختصة في هذا المجال.
المطلوب تحرك اوسع
وكما نلاحظ فإن هناك جمعيات عربية ودولية كثيرة تبدي تعاطفا وتعاونا كبيرين من اجل تقديم المساعدة والعون للعراقيين، لكن ما نلاحظه ايضا هو عدم وجود تحرك بالمستوى المطلوب من قبل العراقيين في الخارج.
وبوسع الانسان ان يتحرك بمفرده على هذه الجهة او تلك، لكن التحرك الافضل والاسرع والاكثر فاعلية وتأثيرا هو ذلك التحرك الذي يأتي من خلال النشاطات الجماعية المنظمة والتي ينبغي ان تتبلور من خلال تأسيس وتشكيل الجمعيات الخيرية.
وما يؤسف له ان عدد المنظمات الخيرية العراقية في اوربا وفي بلدان مثل
بريطانيا وفرنسا والمانيا والدول الاسكندنافية الاخرى حيث يتواجد عشرات بل مئات الوف العراقيين، لا يتناسب مع عدد العراقيين الكبير، في حين ان بوسع عدد قليل من الاشخاص لا يتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة، تأسيس جمعية خيرية رسمية يمكنها جمع الكثير من التبرعات والتحرك على الجهات المانحة وهي كثيرة والمؤسسات الخيرية الاخرى من اجل دعم ومساندة الشعب العراقي حتى يلملم جراحه ويداوي مرضاه ويرعى طفولته المحرومة.
وفي هذا الصدد فإن رابطة المبرات العراقية تبدي استعدادها لتقديم المشورة والمساندة لكل من يرغب بتأسيس جمعية خيرية، كما تبدي استعدادها للمساعدة في تقديم الافكار والمقترحات اللازمة لتفعيل نشاطات الجمعيات الموجودة لكي تقوم بدورها على احسن وجه والافادة من الفرص الذهبية المتاحة لها.
يمكنكم مراسلتنا على العنوان التالي: