This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

"داحشة" تقهر الإعاقة البدنية وتؤسس لعمل حرفي ناجح
18/01/2007

في حياتنا دوماً صور لنماذج قهرت ظروفها الاجتماعية القاسية أو إعاقاتهم البدنية، والتي كان من الممكن أن تأخذهم بثقلها لقاع اليأس ونبذ المجتمع، غير أن تشبعهم بالتفاؤل والثقة بالنفس، وقبل ذلك الرضا بقضاء الله عز وجل، أصبح هؤلاء نماذج لكل مجتهد يرغب بتطوير ذاته، وأن يقدم نفسه للمجتمع كعنصر فاعل ومنتج. وما كان ليحدث من دون يد العون التي تقدم بصيص النور والأمل لهؤلاء ليتمكنوا في إحداث النقلة النوعية في حياتهم وتحويل أفكارهم لمشاريع حقيقية على أرض الواقع.
ومن تلك النماذج المشرقة والمفعمة بالأمل " داحشة حيا الله الشمراني" التي كانت طفولتها طبيعية. إذ نشأت بمنطقة باب الشريف بجوار المنطقة التجارية القديمة في جنوب جدة، ولم يدر بخلدها وهي صغيره تلعب مع أقرانها في شوارع المنطقة وما حولها، أنها سوف تكون في يوم من الأيام مقعدة على كرسي متحرك، يكون هذا الكرسي هو وسيلة تفاعلها مع الحياة، ولكنها قسوة الحياة، إذ أصابها بعد شهور قليلة المرض اللعين والذي كان لعنة في ذلك الوقت ومازال، شلل الأطفال وهي في سن السابعة من عمرها. وقد حرمها هذا المرض ليس من متعة الاستمتاع بحياة الطفولة واللعب والمرح مع الأطفال فحسب، بل وأيضاً من فرصة التعليم، إذ حرمت من فرصة الذهاب للمدرسة بسبب هذه الإعاقة. ولذا قررت وبمساعدة أسرتها الاعتماد على ذاتها، وبدأت مشوار حياتها الجديد من داخل المنزل بحفظ القرآن الكريم، والذي مدها بالطمأنينة والسكنية التي كانت في حاجة إليهما لتجاوز هذه البداية القاسية.
وبعدها بدأت تعلم نفسها بعض الأشغال اليدوية والتطريز والخياطة للقضاء على أوقات الفراغ الكبيرة التي كانت تعينها داخل المنزل، وتدريجياً بدأت هذه الأشغال اليدوية تصبح مصدر الرزق الوحيد لها بعد وفاة والديها والذي كان يعولها. وبمساعدة أهالي الحي الذي تسكن فيه تمكنت في إيجاد قاعدة تسويقية لمنتجاتها من الخياطة والتطريز. وبفضل المثابرة والجد في العمل لاقت منتجاتها أعجاب زبائنها من سيدات الحي، واللاتي كان إقبالهن في البداية بدافع المساعدة، غير أن جودة منتجاتها حولت هذا الدافع الإنساني إلى رغبة شرائية حقيقية.
مثلت تلك البداية قوة دفع لها لتحقيق حمل طفولتها، هو العمل في مجال التجميل وتزين السيدات. وكانت البداية هي رحلة البحث عن مركز تجميل يقبلها، وفي كل مرة عندما تجد هذا المركز كان يبرز لديها مشكلة كبيرة وهي وجود السلالم العالية، بعد أن استطاعت بالكاد تأمين وسيلة الانتقال إليه. ولكنها لم تيأس من البحث، بعد فترة اهتدت لمركز تتوفر فيه الاشتراطات المواتية لها، بدأت مرحلة التعلم واكتساب الخبرة على أيدي خبيرات في هذا المجال، دفعهن حماسها الشديد وذكائها الفطري لتلقينها كافة متطلبات العمل واحتراف مجال التجميل وتزين النساء.
ولكونها كانت لا تملك المال اللازم لفتح محل خاص بها، قررت داحشة تحويل بيتها إلى ورشة عمل تمارس فيه فنون التجميل والخياطة والتطريز للسيدات. وكالعادة كان محيطها الاجتماعي هن زبائنها التقليدين، واستطاعت بعد أن لقي عملها الجديد استحسان هؤلاء السيدات، زيادة دخلها من 300 ريال شهرياً إلى ما يفوق 1500 ريال.
ودوماً ما يولد بلوغ الأمل، الرغبة في تحقيق أمل آخر، وتقول هي عن ذلك.. " أردت أن يكون لدي مركز متخصص في التجميل ولكن كان ينقصني المال الكافي لمثل هذا المشروع. وسمعت عن برنامج عبد اللطيف جميل لدعم المشاريع الصغيرة من خلال إعلان تلفزيون، وقررت الاتصال بالبرنامج. وتوقعت في البداية الرفض بسبب الإعاقة وعدم إلمامي بالقراءة والكتابة، فكيف لي أن أتعامل مع البرنامج وأنا لا أكتب أو أقرا كما أن الكثير من الأهل والأصدقاء ذكروا لي أن الصندوق لن يوافق على دعمي.. غير أنني فوجئت بالترحيب بي ومشروعي الخاص بصالون التجميل، ولذا لم تكن الدنيا تسعني من الفرحة في لحظة اتصال مسئولي البرنامج بي مؤكدين موافقتهم على تمويل مشروعي الصغير"
وكما كان الأمل عظيماً وكبيراً كانت البداية كذلك أيضاً، إذ سلمها الأمير سعود بن عبد المحسن أمير منطقة حائل، خلال زيارته لمركز برامج عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع بالهندواية شيك بقيمة أول دفعة مالية لكي تبدأ تنفيذ مشروعها الذي طالما حلمت به، وأصبح حقيقة الآن. ولذا تدعو داحشة الشباب والشابات لانتهاز هذه الفرصة بقولها:    " يجب لمن تتوفر لديه الخبرات المهنية في أي مجال تجاري أو خدمي أو حرفي، ولديه الطموح في أن يطور ذاته الذهاب مباشرة لصندوق عبد اللطيف جميل لدعم المشاريع الصغيرة، فجميع مشاكله سوف تُحل لكون التسهيلات التي يقدمها حقيقية ويجب الاستفادة منها".

وذلك نظراً لنوعية المزايا التي يقدمها الصندوق التي تتركز علي:
 
تشجيع قيام مشاريع صناعية صغيرة حرفية وخدمية.
 
توفير فرص العمل الحقيقة والمتجددة للشباب والشابات السعوديين.
 
تقديم قرض حسن بحد أقصى 100 ألف ريال سعودي
 
المساعدة في اختيار الكفاءات العاملة بالمشروع وفق اختبارات ومعايير علمية متعارف عليها.

المتابعة والإشراف على أداء العاملين وتقويمهم على رأس العمل.
 
يبدأ استرجاع مبلغ الدعم المالي بعد 3 أشهر من بدء عمل المشروع، على أن يسدد كامل القرض خلال فترة 3 سنوات، وعلى أقساط ميسرة شهرياً.
 
يقوم الصندوق بالمساعدة في تقديم دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، بعد إقراره من قبل اللجنة الاستشارية.

 

نقلا عن المصدر التالي بتصرف:

www.aljprog.org