This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

قصة الالغام في العراق: بدأت في ستينيات القرن الماضي وخطرها مازال ماثلاً
16/04/2008

 

 


بغداد - الصباح

البداية الحقيقية لقصة الالغام في العراق تعود للظروف الاستثنائية التي مر بها العراق مع بداية ستينيات القرن الماضي من خلال المعارك التي حدثت بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة في منطقة كردستان  العراق ايام الزعيم عبد الكريم قاسم

وبالرغم من اعداد الالغام المزروعة انذاك كا ن محدودا الا نتائجها على المدنيين كانت كبيرة ومع استمرار المعارك كان عدد الالغام ضد الاشخاص يزداد بصورةطردية ليشمل الطرق وقمم الجبال وعيون المياه والحقول ومناطق الرعي والزراعة.
وخلال المناوشات الحدودية على حدودنا الشرقية مع أيران التي بدأت العام 1969 بدأ الجيش العراقي بزراعة أعداد كبيرة من الالغام في مناطق متفرقة على طول الحدود الممتدة في البصرة والعمارة وبدرة ومندلي وصولا الى بنجوين وجوارته.
بلغت ارقام حقول الالغام ذروتها بعد دخول الجيش العراقي للاراضي الايرانية 1980 حيث شملت مساحات واسعة من الاراضي العراقية والايرانية، ومع انسحاب الجيش العراقي الى داخل الاراضي العراقية ولمحاولة ايقاف تقدم القطعات الايرانية فقد صدرت الاوامر بتكثيف زرع الالغام بصورة كبيرةجدا وعلى نطاق واسع... حيث لم يشهد تاريخ الحروب في العالم زرعا للالغام بهذه الاعداد حيث بلغت الملايين والتي حولت الشريط الحدودي في الجانب العراقي الى حقل الغام كثيف يصل طوله الى اكثر من 1270كم ويتراوح عمقه من 5كم-15كم يبدأ من شواطئ الفاو وينتهي عند الحدود العراقية الايرانية التركية.
خلال هذه الفترة تم زرع الالغام وبأعداد كبيرة في الاهوار والمستنقعات المنتشرة في محافظات البصرة والعمارة والناصرية وخلال معارك تحرير الكويت وكمحاولة لمنع قوات التحالف من التقدم فقد تم زرع أراض واسعة من الحدود الجانبية المحاذية للكويت والسعودية بحقول الغام بالاضافةالى زرع حقول الغام واسعةعلى الحدود الفاصلة بين أقليم كردستان والتي سميت بالخط الاخضربمئات الالاف من الالغام ابتداء من الحدود الفاصلة في مندلي وخانقين مرورا بمدينة كفري وطوز خورماتو وجمجمال والتون كوبري ومخمور والكوير وانتهاء بالحدود الفاصلة شمال شرق مدينة الموصل
اما خلال معركة تحرير العراق فأن المعلومات تشير الى ان القوات العراقية قامت بزرع العشرات من حقول الالغام المتصلة والمتفرقة في جميع المناطق والمحاورالتي كانت السلطة السابقة تعتقدبأنها ستكون مستهدفة من قبل قوات التحالف كما شملت هذه الحقول المصادر النفطيةوالصناعية والطرق السريعةوبلغ الامر زراعة الالغام داخل المدن والمحافظات مثل البصرة والناصرية الديوانية الحلة النجف كربلاء الرمادي وحتى داخل مدينة بغداد واطرافها الحدودية وبالنسبة للمقذوفات غير المنفجرة فأنها تنتشرفي مناطق واسعة من الاراضي العراقية وهي من بقايا تأثيرات الحرب العراقية الايرانية وحرب تحرير الكويت واخيرا حرب تحرير العراق بالاضافة الى انتشار أنواع العتاد والمقذوفات المتروكة للجيش العراقي السابق
اما القنابل العنقودية فهي تنتشر بالملايين في جميع المناطق العراقية ولم تسلم منها حتى المؤسسات العلمية والكليات كما هو الحال في كلية زراعة ابو غريب التابعة لجامعة بغداد.
ويمكن القول بأن الذخائر غير المنفجرةمن ضمنهاالقنابل العنقودية يتجاوز عددها بكثير اعداد الالغام الارضية المزروعة وخاصة في العراق واحتمال احتواءهذه الذخائروالمقذوفات على الغازات السامةاو اليورانيوم المنضب كثيرةجداأما الاطفال فقد يقتلون أو يصابون يومياعند لعبهم بقطع الذخائرغير المنفجرةالتي يصادفوها وهم في طريقهم لساحات اللعب او المدرسة
تاثيرات اجتماعية
ما لاشك فيه فأن تاثيرات انفجار الالغام والقذائف غير المنفجرة بأنواعهاتسبب موت او جرح الاشخاص والى احداث تشوهات خلقية وعوق دائمي او جزئي وسوف يسبب ذلك بدوره اثارا نفسية وأجتماعية على الاشخاص المصابين وتحولهم الى افراد معاقين ومشوهين وغير قادرين على العمل والعطاء وعاجزين عن السير والحياة بشكل طبيعي بالاضافة الى المعاناة النفسية والمعنوية الخطيرة والتأثيرات الجانبية على المستوى التربوي والاقتصادي على الاسرة والمجتمع وتكمن المأساة بان اكثر الضحايا من المواطنيين الابرياء وخاصة الاطفال والنساء
وبالرغم من وقوع حوادث يومية تسبب في وفاة او جرح الكثير من المواطنين في مناطق مختلفة من العراق الا ان الخطرالحقيقي لم يبدأ بعد عند عودة الحياة المستقرةوعودة السكان المدنيين المهجرين لقراهم وتؤكد تقارير الامم المتحدة بان 80 بالمائة من المصابين وخاصة بعد عودة الحياة الطبيعية هم من الاطفال
الحوادث اليومية التي تحدث في العراق من جراء الالغام والمقذوفات تشير الى ارقام مرعبة ومخيفة
وعلى سبيل المثال فقد فقد 11 طفلا حياتهم وجرح 14 في حادثتين منفصلتين في يوم واحدفي منطقة الدير بمدينة البصرة جنوب العراق واذا كانت هناك اكثر من 60000 حادثة في كردستان العراق فقط منذ 1991ولغاية 2004 حسب الاحصاء الذي اجرته منظمة(ماك) وبمجرد التوقف عند هذين الرقمين  يتبين  لنا حجم الكارثة الانسانية التي تواجهنا التي ستنجم  من اثار اجتماعية ونفسية وتربوية على الضحايا
تشير هذه الوقائع الى حصول خسائر بشرية يومية وخاصة في المناطق الزراعية والصحراوية في مناطق وسط وجنوب العراق مما كانت تستخدم عسكريا ايام النظام السابق
خسائر الالغام في مناطق كردستان قليلة جدا اذا ما قورنت بوسط وجنوب العراق بسبب تواجد اكثر من منظمة غير حكومية تعزز الجهد الحكومي في الحد من خطورة هذه المقذوفات الحربية القاتلة
هذه الخسائر مضافا اليها ما تركته الحرب العراقية الايرانيةالطويلةمن خسائر بشرية تقدر بمئات الالاف من المعاقين جسديا هذا فضلا عن الاصابات القاتلة الناجمة مباشرة عن طريق حقول الالغام المتبعثرة. تؤدي الى ان يكون العراق من البلدان ذات النسب العالية بشريحة معاقي الالغام التي تتطلب تأهيلا نفسيا واجتماعيا وعلاجا طبيا مستمرا فضلا عن توفير ضمانات اجتماعية لاعالة اسرهم وبنظرة بسيطة نجد ان معاناة هذه الشريحة الاجتماعية كبيرة حيث لاوجود لمنظمات مدنية تتبنى مطالبهم او تترجم همومهم الى مطالب مشروعة امام الجهات الرسمية باستثناء معونات تقدمها بعض المنظمات على شكل هبات متعثرة من وقت لاخر وهي لاتجد نفعا ولاتحل المشكلة من جذورها.
حقائق مؤلمة
أزاء هذه الحقائق المؤلمة والاحصاءات التقريبية لواقع المشكلة علميا واقتصاديا واجتماعياوعلى ضوء الخسارات الفادحة في هذه الميادين التي حصلت والتي يتوقع حصولها مستقبلاوفق تقديرات المنظمة العراقية لازالة الالغام ووفق اعمال  الازالة التي تجريها في مناطق مختلفة من العراق
يبرز تساؤل ملح هل ان جميع هذه الخسارات البشرية والاقتصادية غائبة عن اهتمامات الدولة والمنظمات المدنية العاملة في الجانب الانساني؟
هل من المعقول ان تلك الارقام المرعبة من الخسائر في البشر والصناعة والزراعة لاتحرك ساكنا ولاتستنفر همة من لدن مؤسسات الدولة؟
وللاجابة عن هذه الاسئلة لابد من البحث عن الجهات التي تقع على عاتقها هذه المسؤولية سواء بالجانب الحكومي او المدني غير الحكومي والتعريف بما تقوم به من اعمال اولاً.
الهيئة الوطنية لشؤون الالغام في العراق
تم تشكيل الهيئة الوطنية لشؤون الالغام في العراق قبل اكثر من خمس سنوات للقيام بالمهام المطلوبة فيما يخص ازالة الالغام في العراق ومن ثم تشكيل المركز العراقي للالغام وقد ارتبطت الهيئة الوطنية ومنذ تاسيسها بوزارة التخطيط والتعاون الانمائي

وبعد مرور خمس سنوات على تاسيسها فان المعلومات عنها غير متوفرةوكذلك عن ما قامت به من مهام وفعاليات وكذلك عن المركز العراقي للالغام.
رحلة البحث عن الهيئة الوطنية للالغام
المنظمة العراقية لازالة الالغام امكو IMCO
تأسست هذه المنظمة يوم 1 ايلول من عام2003 واعتبر افتتاح اول ورشة تدريبية قامت بها المنظمة تاريخا تأسيسيا لها
وتعتبر هذه المنظمة من المنظمات القليلة العاملة في ازالة الالغام والتوعية بمخاطرها الاجتماعية والاقتصادية والبشرية
 يدير المنظمة العراقية لازالة الالغام مزاحم مطر جهاد الخبير في  الالغام ويعمل معه كادر تدريبي على مستوى راقي من الخبرة
قدمت هذه المنظمة جهودا استثنائية في المجال التدريبي لتهيئة كوادر فنية مخصصة في ازالة الالغام وفق الاساليب الحديثة المتبعة في دول العالم المتقدم
استخدمت المنظمة لاول مرة الكلاب المدربة للبحث عن الالغام ونجحت في ذلك الى حد كبير
قامت المنظمة بازالة مساحات واسعة وكبيرة من الالغام في مناطق البصرة واعادات الحياة لمئات الهكتارات الزراعية وازالت خطر الالغام عن طريق حياة الاف  من البشر
قدمت المنظمة اربعة من الشهداء وجرح اربعة اخرين وقامت المنظمة بتوفير الضمانات وتامين مصاريف العلاج  لجرحاها الذين جرحوا اثناء عمليات الازالة بالاضافة لتقديمها معونات  مالية لمساعدتهم على العودة للعمل ثانية
وهذا ما لم تفعله حتى الدوائر الحكومية نفسها التي تعاني من الروتين الاداري بهذه القضية الانسانية

اتفاقية اتاوا الدولية
انضم العراق في العام 2007 الى اتفاقية اتاوا الدوليةلازالة الالغام مثل العراق فيها وفد من وزارة الخارجية العراقي
ورغم انضمام العراق للموقعين  على الاتفاقية الا ن ذلك لم ينعكس على زيادة الجهود المبذولة في ازالة الالغام
كيف تعالج الألغام بدول العالم المتقدم
وفق الثوابت العلمية التي اقرتها اتفاقية اتاوا الدوليةفان هناك نقاطا وترتيبات قياسية لابد من توافرها في اي جهد لازالة الالغام ومنها البدء بحملات اعلامية للتوعية من مخاطر الالغام والتحذير من اخطارها القيام بعمليات مسح جيولوجي وجمع معلومات دقيقة عن انواعها واماكن تواجدها "الشروع بتدمير المقذوفات وفق احدث الوسائل واكثرها امانا بفرق عمل متخصصة اعادة تاهيل الناجين من الحروب وجرحى الالغام وتوفير فرص عودتهم للحياة ممن جديد
غياب الحملا ت الأعلامية
بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بمخاطر الالغام لابد من الاشارةالى التقصير الاعلامي بهذا الاتجاه
حيث لم نشهد اعلانا تلفزيونيا او اذاعيااو صحفيا ينبه لمخاطر الالغام ويحذر منها
واخيرا
من خلال تسلسل الخطوات العلميةالمتبعة في ازالة الالغام في الدول المتحضرة نجد ان العراق متاخر جدا عن هذه الدول
فهناك قصور واضح في حملات التوعية تتحمله وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمقروء المحلية
وعمليات الازالة الفعلية التي جرت حتى الان لاتتناسب مع الارقام المليونية لاعداد الالغام والمقذوفات الموجودة في مناطق العراق المختلفة
وهذا يعود لعدم فاعلية الهيئة الحكومية الوحيدة المتخصصة بموضوع الالغام وازالتهاوهي الهيئة الوطنية لازالة الالغام وكذلك قلة عدد المنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال.
ويتوضح حجم التخلف في الناحية الاجتماعية حيث تنحسر وجود المراكز الصحية اللازمة التي تعنى بضحايا الالغام وتقل كذلك مراكز العلاج النفسي لما هو موجود في العالم المتحضر.

للمزيد من الاطلاع على موضوع الالغام اضغط على الروابط التالية:

معاقون وناشطون يطالبون الحكومة بتوفير الدعم وازالة الالغام من العراق

الحاجة إلى جهود عاجلة لإزالة مخلفات الحرب القاتلة في العراق

العراق بحاجة للعمل الخيري ولكن.. على صعيد نزع الالغام والمقذوفات