This site uses cookies for analytics and personalized content. By continuing to browse this site, you agree to this use.
We have updated our Privacy Notice, click here for more information Acknowledged

المعاناة الانسانية للشباب العراقي في المهجر
16/04/2008

 

 

الشباب العراقي في بلاد المهجر: أحلام وهمية أم هروب من واقع لايحتمل

عمان - نجلاء الخالدي- الصباح
منذ ان اكمل رافد محمود "25 عاما" تعليمه في الجامعة التكنولوجية "قسم علوم الحاسبات" وحلم الهجرة يداعب مخيلته التي رسم فيها تطلعات كبيرة وطموحات اكبر واخذ ينسج لنفسه احلام اكمال الدراسة هناك املا في الوقت نفسه الحصول على فرصة عمل تناسب "شهادته العلمية"

وبعد اتصالات عديدة مع عدد من الاصدقاء الذين يثق بهم استقر رأيه على السفرفي بداية الامر الى سوريا كمحطة اولى لرحلته الى احدى الدول الاوروبية 'حزم رافد حقائبه بعد ان ودع افرادعائلته واتجه الى دمشق عبر رحلة برية استغرقت نحو اربعةعشر ساعة وما ان وطأت قدماه أرض مدينة جرمانا،  جنوب العاصمة السورية دمشق حتى نسي او تناسى انه خارج حدود الوطن فمنذ سقوط النظام  في نيسان "2003" تحولت هذه المدينة الصغيرة الى مدينة عراقية مع نزوح آلاف من العراقيين غالبيتهم من الشباب ليصل عددهم في المدن السورية الى مليون نازح بحسب آخر إحصاءات مفوضية اللاجئين الدولية.
هجرة حتى إشعار اخر
بعد ايام من وصول رافد الى دمشق ادرك ان هذا اللجوء ليس في الغالب سفرة سياحية أو بقاءً موقتاً بل هو هجرة حتى إشعار آخر أو انتظارٌ للحصول على فرصة للسفر الى دولة ثالثة عبر"سماسرة التهريب" او عبر التقدم بطلبات لجوء الى السفارات الأجنبية ولدى منظمة الأمم المتحدة أو الى ان يتحسن الوضع الأمني في العراق وهو امر بعيد المنال على الأقل في أذهان الذين تركوا ممتلكاتهم متوجهين الى سورية والأردن ومصر ولبنان والإمارات  يقول رافد: استقر بي الامر في هذه المدينة الصغيرة مع خمسة من اصدقائي اذ نسكن في شقة واحدة واعمل "كنادل" مع احد الاصدقاء الذي افتتح مطعماً لبيع المأكولات العراقية وها نحن نعيش هنا منذ أكثر من سنتين.
أوضاع متشابهة
ويضيف: إن الشعور بالغربة بات اقل تأثيراً في نفوس الشباب العراقيين الذين تعرضوا لصدمة كبيرة بعد خروجهم من مرحلة انغلاق اجتماعي استمرت لسنوات طويلة الى المجتمعات الاخرى، ويبحث رافد مثل غيره من الشباب عن فرص للهجرة المضمونة ويسعى الى تقديم اوراقه الى سفارات الدول الأوروبية التي فتحت باب اللجوء والهجرة للشباب العراقيين.
ويقول إن رغبته في الهجرة تنبع من تطلعه الى حياة افضل وتحقيق طموحاته، لكنه يرفض اللجوء الى البلدان العربية ويقول إن الاوضاع تكاد تكون متشابهة في غالبيتها وإن مسألة الحصول على فرصة عمل ملائمة باتت معدومة على عكس البلدان الاوروبية، وبخاصة السويد التي يطمح غالبية الشباب العراقي في الهجرة اليها.
ويتابع: انه لا يريد البدء من جديد هناك، انما استكمال ما بدأه في بلاده، لكنه في الوقت ذاته يرغب في الزواج من فتاة اجنبية، معتبراً ان هذه الخطوة ستساعده في التأقلم مع حياته الجديدة بعد الهجرة.
لا مستقبل في الوطن
 أوقفتني الصدفة بالقرب من احدى شركات السفر في مدينة عمان وتكلمت مع احد الشباب كان يروم السفر الى قبرص قال وفي داخله حسرات كبيرة لكونه سيفارق الأهل والأصدقاء هنا في عمان لفترة يجهلها وحدثني متوترا: الشباب العراقي تبنى فكرة الهجرة والسفر خارج العراق يدفعهم إلى ذلك الارتباك الذي تعيشه الساحة العراقية منذ عقود من الزمن والتي كان لها تأثيرات سلبية على جميع مجالات الحياة دون استثناء وحملت بين طياتها ضغوطا ت عالية التأثير على جميع الشباب فمنهم من ذهب للبحث عن عمل لرفع مستواه المعيشي وآخرون ذهبوا للبحث والاستقرار والعيش بعيدا عن الخطر الذي يحف بحياتهم وهذا واقع تعانيه جميع المجتمعات العربية لذا لاافكر ان اقيم هنا في الاردن لاسيما ان هذا البلد يضغط كثيرا على العراقيين المقيمين على ارضه.  اما سرى ياسين مقيمة في عمان منذ اربع سنوات "بكالوريوس لغات" ترى ان هناك أموراً عدة تدفع بالشاب إلى التفكير باتجاه المهجر ولنبدأ من الجامعة فالطالب الذي يتخرج يحمل شهادة في اختصاص معين لكن الذي يتخرج من اختصاص لا يحتاج الى مختبرات ودراسة علمية تكون لدية خبرة واسعة في مجال عمله إما الذي يتخرج من اختصاص بحاجة إلى دراسة علمية تجده لا يملك الخبرة الكافية التي تجعله يتقن اختصاصه. فالإهمال واضح ويتضاعف بالطلبة ويجب أن تتبنى الجامعات العراقية سياسة اهتمام ايجابية بالطالب الخريج بعد إنهاء الدراسة للحفاظ على هذه الكفاءات العلمية من الضياع والذهاب بعيدا وتذهب خدماتها للمكان غير المناسب بعد أن كلف الطالب بلده أموالا كثيرة لنيل مرتبة علمية جيدة .إنا مثلا تخرجت من كلية اللغات بدرجة جيد جدا ولم احصل على فرصة عمل تؤهلني للإبداع في مجال عملي على الرغم من إنني كنت من الطلبة المتفوقين ولدي رغبة كبيرة في العمل بمجال عملي  حصرا ولم تسنح لي فرصة بذلك في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بالوطن.
 أوروبا بلاد الأحلام
تحولت الهجرة باتجاه أوروبا من ظاهرة طبيعية وظرفية إلى هاجس يستحوذ على عقول الكثيرين من الشباب والشغل الشاغل للأسرة بأكملها في أغلب الحالات، اذ أصبحت المخرج الوحيد في نظر الكثيرين لتحقيق حلم الصورة الجميلة التي سكنت عقولهم بالرغم من المعتقدات والافكار التي يصطدمون بها وبالرغم من ضبابية الصورة بالنسبة لنا اذ لانعرف ان كانت امراً ايجابياً ام سلبياً ان ينفتح الشاب على ثقافة شعوب أخرى قد تكون في معظمها مناقضة له في الفكر والتربية بل والعقيدة..؟! وهل هناك رغبة في العودة أم الاستمرار والاندماج؟ وقد اختلفت الآراء بين الشباب أثناء لقاءاتنا بهم، وتعددت القرارات بين من ينوي العودة إلى وطنه ومن ينوي البقاء، ومن لم يقرر بعد أو من ليس لديه الفرصة للقرار، ولكنهم اجتمعوا جميعاً على كونهم الآن بين العالمين، لا يعرفون أيهما الأقرب لهم، فقد اعتادوا العيش هنا، فالنظام والالتزام بالمواعيد والدقة مميزات تسهل الحياة كما أكدوا جميعاً.
الرغبة في البقاء
وفي هذا الإطار يؤكد (سالم عباس)  يقيم في المانيا منذخمسة عشرعاما أنه لن يرجع ويستقر في العراق، فبلده الآن هي ألمانيا، وتساءل بلهجة سخرية ماذا قدم لي بلدي كي أعيش فيه؟!، فقد فكرت في الرجوع عدة مرات والاستقرار بين الأهل والأصدقاء، ولكني اصطدمت بنظام حياة غير الذي عهدته هنا، كل شيء مختلف المواصلات والروتين والبيروقراطية والفساد، ومستوى المعيشة وانعدام فرصة العمل المناسبة فلماذا إذن الرجوع؟ حياتي هنا مستقرة مع زوجتي الالمانية  وبناتي اللاتي يدرسن الآن في ارقى المدارس  ويضيف : أنه على الرغم من الصعوبات التي تواجه العرب والمسلمين هنا  إلا أنه يحاول الاندماج في المجتمع سواء بالحصول على الجنسية الالمانية  أو من خلال المشاركة السياسية الحزبية، أو تكوين شبكة علاقات وصداقات مع مواطنين المان وذلك في محاولة منه لإثبات هويته الجديدة وانتمائه لهذا المجتمع الذي احتضنه ووفر له حياة كريمة ورفاهية ، فهو لم يصل إلى ما هو فيه الآن من فراغ ولكنها كانت رحلة كفاح بدأت بعامل بناء ورصف الطرق وانتهت بالعمل في شركة كمبيوتر ويتقاضى الآن أجرا مرتفعا، حتى إنه يساعد عائلته الكبيرة في بغداد من دخله الشهري. ولكنه ورغم كل سنوات الغربة لم يستطع نسيان أهله وعائلته، فيقول بنبرة حزن (أتذكرهم في كل دقيقة، أتذكرهم عند كل وجبة طعام أتناولها وأتساءل ماذا يأكلون هم الآن، هل أكلوا جيدا أم لا؟) وكم تمنى لو يشاركونه كل (كسرة خبز يأكلها)، ولكنه يحاول أن يساعدهم قدر المستطاع، ولذلك يقول فكيف أساعدهم لو رجعت إلى العراق؟
 حلم العودة يراودني
لكن الامر مختلف مع "مرتضى فوزي "الذي كان دائم التفكير في السفر إلى أوروبا للخروج من نفق الحياة المظلمة والظروف المادية القاسية التي عانى منها  في بغداد قبل سقوط النظام، مما كانت السبب في انقطاعه عن الدراسة، وأتيحت له فرصة السفر لألمانيا لفترة محددة كزيارة ولكنه كان دائم التفكير في الاستمرار والعيش في ألمانيا، مما اضطرته إلى استخدام جميع الطرق والحيل، وبالفعل استطاع أن يتحايل على القوانين واللوائح حتى استقر به الحال في المانيا، حيث يعيش منذ أكثر من خمس سنوات. وعندما سألناه عن إمكانية العودة أم البقاء هنا قال (حلم العودة لبلدي يراودني دائما برغم ما صادفته من سوء حظ وفقر هناك، ولكن أنتظر الوقت المناسب للعودة عندما أستطيع توفير مبلغ مالي أبدأ به حياتي العملية هناك من خلال مشروع يدير لي ربحا ويوفر لي حياة كريمة في بلدي، وبالنسبة لفكرة الاستمرار والحياة هنا فهي مستبعدة، حيث أتيحت لي فرص عديدة للزواج من ألمانية، ولكني أرفض هذا المبدأ وأفضل الزواج من فتاة عراقية).
 فات الأوان
أما ابراهيم خضر الذي حدثنا وعيناه تكاد تسيل بالدموع: بالرغم من مدة إقامتي هنا والتي تقارب 12 عاما إلا أني نادم على كل لحظة قضيتها في هذا البلد، ولو عادت السنون إلى الوراء لفضلت البقاء في بلدي وبين عائلتي، ولكن كما يقول ابراهيم  (فات الأوان) ولا أستطيع العودة الآن. ومأساة ابراهيم بدأت عندما تزوج فتاه المانية وعدته قبل الزواج بالدخول إلى الإسلام، وكان هذا سبب زواجه منها، ولكن سرعان ما تبدد هذا ورفضت الدخول في الإسلام مبدية أسبابا كثيرة، وتم الطلاق بينهما بعد سنتين ولكن كانت نتيجة هذا الزواج طفلة عمرها الآن 7 سنوات، وكانت هذه الطفلة هي سبب معاناته وجحيمه في الغربة، حيث إن هناك برودا كبيرا من الطفلة تجاه الأب، ودائما ما تتجاهله باستمرار، وكلما اقترب منها ابتعدت هي عنه، ولا يدري ماذا يفعل معها، فهي تعيش وتتربى في بيت لا يعرف شيئا عن تعاليم الإسلام، حتى إنها لا تحمل الديانة الإسلامية في شهادة ميلادها، فقد قررت الأم أنها تسطيع ان تختار ديانتها بعد بلوغها سنا معينا، فالأم دائما ما تعطي صورة سيئة عن الأب وعن الإسلام والعرب، حتى أصبحت الطفلة الآن تكره الأب وتنبذه في كل مرة يقوم بزيارتها، ولكن  ابراهيم يحاول قدر استطاعته التقرب منها وعدم التخلي عنها، فسوف يعيش بجانبها إلى أن تتغير وجهة نظرها، وأن يعود الود والمحبة، وأن تعرف تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
سماسرة التهريب
العديد من الشباب لا يتمكن من السفر بطريقة شرعية الى البلاد الاوروبية لذا  لا يبقى امام الشاب المولع بالهجرة سوى المغامرة ‏برحلة بحرية سرية مع احد مهربي المهاجرين يصعب التكهن بنهايتها التي غالبا ما تكون الموت او الايقاف او الاعتقال التحفظي فى احد معسكرات تجميع المهاجرين غير ‏الشرعيين وان البعض من هؤلاء المغامرين حالفهم الحظ وتمكنوا من ‏بلوغ الهدف فى بلاد الاحلام الزائفة.‏
يقول مهند جورج "عراقي مقيم في السويد منذ سبعة عشر عاما‏ ان الهجرة اخذت فى السنوات الاخيرة منحى غير شرعي  امام تشديد ‏اجراءات السفر والاقامة فى الدول الاوروبية وعلى الرغم من ان جنون المغامرة اودى ‏بحياة عديد من الشباب الذين قادتهم احلامهم الى افواه الاسماك فى البحار ‏والمحيطات.‏ اذ نسمع العديد من الاخبار والتقارير اليومية عن حوادث غرق مراكب الرحلات البحرية ‏السرية بالمهاجرين من العراقيين ويضيف: ان اعداد الضحايا من موقوفين وقتلى امر عادي لا ‏تكاد تخلو منه الصحف الاجنبية اليومية امام تنامي هذه الظاهرة التي ‏تؤرق الدول الاوروبية ومراكز العبور الرئيس الى اوروبا ‏بشكل خاص.
مصائب قوم عند قوم فوائد
يقول مارتن بطرس الذي وصل السويد قبل ثلاثة اشهر عن طريق"ثلاجة" من اليونان الى ايطاليا ومنها الدولة المنشودة لا استطع ان اصف لك معاناتي خلال فترة اعتقالي في السجون اليونانية فهناك تعرضنا الى شتى انواع الاهانة والاستغلال على يد" سماسرةالتهريب" ويضيف : ان معاناة المهاجرين العراقيين في السجون اليونانية اضحت تجارة رابحة لدى المحامين اليونانيين الذين يتولون قضايا المهاجرين غير الشرعيين اذ تبلغ اجور المحامي من300الى 400 يورو. وتابع: ان اثبات الذات وتجسيد النجاح في مغامرة الى الخارج ساهم فى تعقيد المزيد ‏من الشباب نفسيا بل وفي بعض الحالات اصبح الاب والام يشاطران ابنهما نفس الحلم ‏ويضحيان بكل غال ونفيس لمساعدته على الهجرة وهذا ماحصل معي مشيرا الى ان هجرة الشباب العراقي باتجاه اوروبا اصبحت موضة وتقليدا حيث لا يخلو ‏بيت من مهاجر واحد على الاقل ‏ وعلى الرغم من ان الشباب لا ينظرون سوى لقلة من الذين اسعفهم الحظ ‏ووصلوا الى "ارض الاحلام" فان الجهل ‏بالظروف القاسية والمعاناة الشديدة فى بلاد الغربة يدفع العديد من الشباب الى ‏التشبث بهذا الخيار الوهمي الذى يؤدي حتى فى حالة النجاح  بالهجرة غير الشرعية ‏الى المنفى الاختياري وبمحض الارادة والى مجازفات بالجملة لاثبات الذات. 
خسائر بالجملة
يقول الدكتور رياض العضاض "استاذ علم الاجتماع"في الجامعة الاردنيةمهمااختلفت أسباب الهجرة من بلد إلى آخر ولكن تبقى هذه الظاهرة تمثل خسارة لجميع المجتمعات ومنها المجتمع العراقي وفي هذا الصد يشير الى  دراسة لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية التي جاءت لتقول أن ما تكلفه هجرة العقول العربية من خسائر لا تقل عن [200]مليار دولار وان الدول الغربية الرأسمالية تعد الرابح الأكبر من هجرة ما لا يقل عن [ 450]ألفا من هذه العقول ورأت الدراسة أن المجتمعات العربية أصبحت بيئات طاردة للكفاءات العلمية وليست جاذبة لها الأمر الذي أدى إلى استفحال ظاهرة هجرة الخبرات العلمية العربية إلى بلدان الغرب ،كما أشارت الدراسة إلى أن [45]بالمئة من الأطباء الأكفاء في بريطانيا هم من العرب وان الوطن العربي يساهم ب[31]بالمئة من هجرة الكفاءات من الدول النامية إلى الغرب الرأسمالي بنحو 50بالمئة من الأطباء و23 بالمئة من المهندسين و15 بالمئة من العلماء النابهين من العالم الثالث.واضاف الدكتور العضاض وهو عراقي مقيم في عمان منذ مايقارب الخمسة اعوام  أن من الحقائق المذهلة أن مستوى الإنفاق على البحث العلمي والتقني في الوطن العربي يبلغ درجة متدنية مقارنة بما هو عليه في بقية دول العالم وان الإنفاق العربي على البحث العلمي لا يتجاوز 0,02 بالمئة من إجمالي الموازنات العربية ورأت الدراسة أن ضعف الاهتمام بالعلم والبحث العلمي يعد احد العوامل المركزية في الضعف الستراتيجي العربي واحد الأسباب الرئيسة وراء إخفاق مشاريع النهضة العربية.
 ارتفاع نسبة الشباب المهاجرين
وعلى الرغم من عدم توافر إحصاءات نهائية بشأن عدد الشباب المهاجرين من العراق بعد العام 2003 تشير الاحصاءات الرسمية لوزارة الهجرة والمهجرين إلى ان نسبة الشباب تصل الى 76 في المئة من نسبة المهاجرين العراقيين الى الدول الاوروبية. وغالبيتهم هاجروا بشكل منفرد فيما هاجر آخرون برفقة ذويهم، ويشير الاحصاء ذاته إلى ان اعمار الشباب المهاجر الى الدول الاوروبية تتراوح بين 23 و35 سنة. وتؤكد الوزارة ارتفاع نسبة الشباب المهاجرين من العراق بسبب ان الاوضاع الامنية السيئة والاحتقانات الطائفية والانفتاح المباشر للشباب العراقي على العالم دفعتهم الى الهجرة بأعداد كبيرة.
فيما تقول احصائيات صادرة عن منظمات تعنى بشؤون اللاجيئن ان اكثر من 950 ألفاً من الشباب العراقيين متواجدون في الدول الاسكندنافية، وان الغالبية من هؤلاء انصهروا في المجتمعات الاوروبية ولا يريدون العودة الى البلاد.
لا مكان في الوطن
التغيرات الاجتماعية والسياسية التي تعرضت لها البلاد لاكثر من 25 عاماً مضت ولدت توجهاً جديداً لدى الشباب العراقي لم يكن معهوداً دفعتهم الى الاقبال على الهجرة. ويرجع اسباب هذا التغيير الى ضعف روابط الانتماء الوطني بين الشباب ورغبتهم في البحث عن فرص افضل لمستقبلهم فضلا عن الوضع الاجتماعي والسياسي في البلاد ساهم في ولادة مرحلتين من الهجرة بين صفوف الشباب، بدأت الاولى في منتصف الثمانينيات وازدادت في شكل ملحوظ بعد تسعينيات القرن الماضي لأسباب اقتصادية ونفسية وظهرت الثانية بعد سقوط النظام السابق لأسباب أمنية واجتماعية.كما ساهم نجاح جيل الهجرة الاول في تحقيق الذات والانصهار في المجتمعات الغربية دفع الشبـاب الى التفكير في الهجرة باعـتبارها حلاً أمثل لمشكلاتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي ظهرت بعد سقوط النظام.لاسيما ان العديد منهم لم يجد مكانا في الوطن ينطلـق فيه لتحقـيق الامال الكبيرة سوى الهـجرة وليس سوى الهجرة ولو على جسور من الاشواك.